يحكى أن نمرا كان يطلب قردا كل صباح، ويقول له: أين الكوفية؟، (وفي رواية أبي الثعالب: الطاقية)، فيقول له القرد رافعا كتفيه تأكيدا للنفي: لم أر كوفية!، ولم آخذها!، مع نبرات تحمل معنى التعجب، فلا توجد كوفية في الغابة، ولا يوجد من يلبسها مِن الحيوانات، فينهال عليه النمر ضربا..، وهكذا يستمر الحال كل صباح مع هذا القرد المسكين. وذات يوم استدعى الأسد النمر على عجل، وقال له: يعني أحرجتنا أمام الرعية، بلغني أنك تضرب قردا كل صباح!، فأطرق النمر برأسه مثبتا لكلام الأسد، فقال الأسد: إن كان ولابد، فاجعل لذلك سببا مقنعا، اطلب منه أن يأتيك بتفاحة، فإن أتاك بها خضراء، قل له: أريدها حمراء؛ واضربه. وكذا إن أتاك بها حمراء، قل له: أريدها خضراء؛ واضربه. فقال له النمر: حاضر سيدي. ومع أول ضوء الفجر في اليوم التالي، جاء القرد كعادته إلى النمر، وهو يرتجف.. ويرتعش.. استعدادا للموجة الملهبة من السياط، فقال له النمر: ائتني بتفاحة!، فتنفس القرد الصعداء، وذهب سريعا فرحا إلى حيث شجر التفاح، ورأى تفاحا أحمر وأخضر، فأتى بتفاحة حمراء وأخرى خضراء، وعاد إلى النمر، وأخرج له التفاحتين، وقال له: تريدها حمراء أم خضراء؟، فقال له النمر: أين الكوفية؟.. قلت: هذا يجسد حال من يستمتعون بجلد الآخرين من أصحاب أي فكر كانوا، عن طريق النقد ثم النقد ثم النقد، من غير رؤية للإصلاح، أو منهج للتقويم.