عبدالله الجميلي - المدينة السعودية قال الضَمِيرُ المُتَكَلِّمُ: تحكي إحدى الأساطير أنّ حمارًا كان مضطهدًا من (النّمر)؛ فكلّما التقى به وجّه له لكمةً خطّافيّةً؛ والسبب: لأنه لم يلْبَس الطّاقِيّة!! واستمر الحمارُ الغَلبان، يعاني من هذا النّمر (السّعْران)؛ فما كان منه إلاَّ أن ذهب ل(الأسد) قائلاً: يا زعيم الغَابة؛ لقد تسلَّط عَلَيَّ (النّمرُ)؛ فدائمًا يَلْكِمُني بحجّة عدم لِبْسِي للطاقية؛ وأنت تعلم يا سيدي لا يمكن أن تركب (تلك الطاقية) على رأسي (الكبير) هذا، ومع أذنيّ الطويلتين هاتين؛ أرجوك أيُّها الأسد ارفع الظلمَ عنّي!! فأجابه (سَيّد الغابة): حسنًا هيّا انصرف؛ ثم استدعى (النّمر)، وسأله: لماذا تضرب (الحِمَار، فهو يشتكي منك باستمرار)؛ فأجاب (النمر بازدراء وخيلاء)، اضربه هكذا؛ لأنه لا يعجبني!! فقهقه (الأسد)، وأنا مثلك؛ فهو لا يعجبني؛ ولكن حاول أن تجد مبررًا معقولاً لصَفعِه؛ مثلاً اطلب منه أن يحضر لك تفاحة؛ فإذا جاء بها حمراء (اِلْطمه)؛ لأنه لم يأتِ بها خضراء، وإذا احضرها خضراء فبَادره ب(بوكس)، لأنها لم تَكُن حمراء!! أُعجب (النّمر) بالفكرة، وما هي إلاَّ ساعات، وقَابل (الحِمَار)، فسَارعه: هيّا أَحْضِر لي تفاحة، فقال الحمارُ بسرعة: يا مولاي هل تريدها (حمراء أم خضراء)؟ وهنا لَكَمه (النمر) بعنفٍ قائلاً: لِيش ما أنت لابِس (طاقية)!! هذه الحكاية تنطبق تمامًا مع الفارق على (السّعْودة)، فالنمر المفتري هو ذلك الأجنبي الذي يُدِيْر فعليًّا رأس المال السعودي، ولأنه لا يريد الشباب السعودي، ولا يعجبونه؛ فهو يطردهم، ويلكمهم بمختلف الأعذار (الخبرة، اللغة)؛ ومهما فَعَل الشاب، وأتى بشهادات خضراء، أو حمراء؛ فلابد من شروط تعجيزية تقف أمامه؛ حتى ولو كانت التحدّث، والكتابة باللغة (السَنسكريتية، أو الهيروغلوفية)!! أمّا (الأسد)؛ فهو السعودي صاحب رأس المال؛ الذي يهمّه فقط تنمية ماله على يد هذا الأجنبي، ولا عزاء للشباب!! ولذلك.. فالكثير من الشركات والمؤسسات الكبرى عندنا غائبة عن مشاريع المسؤولية الاجتماعية، ولا تنفّذ برامج وخطط السّعودة!! ولكنْ لعلّ في القرارات الأخيرة التي تحاول وضع حد أدنى للأجور في القطاع الخاص، وتحديد ساعات العمل، ورفع قيمة التأشيرات مساهمَة في توطين وظائف القطاع الخاص. وإن كنتُ أعتقدُ أنّ التخفيفَ من استيراد العمالة هو العامل الأبرز في ترجيح كفّة السعودة؛ فهناك أكثر من (مليون ونصف مليون تأشيرة تصدر سنويًّا)؛ فلو قُلِّصَت بمقدار (نصف مليون) فقط؛ فسوف تتسابق المؤسسات الخاصة على تدريب الشباب السعودي، وتوظيفهم برواتب مناسبة!! ويبقى السؤال: ألا يجب أن نقف في وَجه طوفان وسَيل (التأشيرات)، وهَواميرها (البَشَاوات)..؟! ألقاكم بخير، والضمائر متكلّمة..!