الغريب في أمر الحرية أنها تبدو جميلة، جذابة، ومطلبا ضروريا نافعا عندما نكون نحن الذين ننشدها، وتكون أمرا منكرا وباطلا وناشرا للفوضى والفساد متى كان غيرنا الذي ينشدها!! معظم الذين يهاجمون الحرية بحجة القبح فيها، هم لا يفعلون ذلك إلا عندما يرون وجه الحرية منعكسا في مرآة الآخر، أما متى رأوه يسطع في مرآتهم الخاصة، فإنهم يتخدرون بمرآه ويتسرب إليهم منه شعاع ساحر ما يلبثون أن تعشى به أبصارهم، فما يعودون يرون في الحرية ذلك القبح الذي رأوه فيها من قبل!! الكارهون للحرية هم غالبا من الذين لا يثقون بوجود العقل لدى غيرهم كمشرف وموجه للإنسان، هم يرون وجود ذلك العقل محصورا فيهم وحدهم؛ ولهذا هم يكرهون الحرية متى كانت في يد الآخر، ويحبونها متى كانت في أيديهم!! العقل قوة، قوة ضابطة للحرية، أليس اسم العقل مشتقا من الربط والقيد؟ العقل هو الذي يقيد سلوك الإنسان ويوجه تصرفاته، فاقد العقل وحده هو الذي من المصلحة أن تسلب حريته، حيث يجرده غياب عقله من القوة الضابطة لفكره أو سلوكه. لكن أعداء الحرية يرون في كل من هو سواهم شخصا فاقدا للعقل (العاقل) للسلوك والفكر؛ لذلك هم يسعون إلى بسط سلطتهم القمعية بدلا من سلطة العقل. وإذا كان الناس في مجتمعنا، وربما في مجتمعات أخرى أيضا، ألفوا ما يقال علنا بلا (أدنى خجل) أو (تشكك) من أن المرأة لا تستطيع تحكيم العقل، فتتغلب عليها عاطفتها، ومن ثم هي دائما عرضة لخطر (الحرية)، ولا بد من وضع (والٍ) يكون وصيا أبديا عليها يسير حياتها ويختار هو ما يصلح لها!! إذا كان الناس ألفوا هذه اللغة المسيئة إلى المرأة، والتي ينكرها العقل المفكر وتبطلها شواهد الواقع الحية، فإنهم في المقابل يجدون كثيرا من الحرج أن يقولوا مثل ذلك القول في علاقة الرجل بالحرية، فهم يعرفون أن أي انتقاص لطبيعة الرجل أو إعابة الفطرة البشرية فيه هو بطبيعة الحال يمسهم هم أيضا؛ لذلك يستبعدونه.. يرونه لا يصلح أن يكون القاعدة التي تنطلق منها مصادرة حرية الرجل كما هو الحال مع المرأة، ولا بد من البحث عن مبررات أخرى مختلفة. البحث عن مبررات أخرى تجيز فرض الوصاية على الرجل، وسلبه الحرية، أدى إلى القول بأن ترك الناس يقولون ما يؤمنون به، ويناقشون جهرا ما يفكرون به سرا داخل رؤوسهم، طريق يتسلل منه أعداء الأمة الإسلامية لتخريب عقيدتها، ولسان للغرب يعمل على هدم الدين وتدمير الأخلاق وإفساد القيم، وربما صعد الأمر إلى مرتبة تهديد الوحدة الوطنية والأمن المجتمعي ومساندة الشر، وغير ذلك من المصطلحات والمسميات التي تبتكر لتكون مبررات تعلل فرض الوصاية وسلب الحرية!! فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة