تعددت الأخطاء الطبية التي يكون ضحيتها دائما المرضى الذين يقعون ضريبة فشل فرضيات بعض الأطباء على أجسادهم، ويظلون تحت طائلة تلك الأخطاء المميتة أحيانا دون حلول لحالاتهم. وما أثبتته حالة ندى حجي المحمدي التي كانت دليلا آخر يضاف إلى عدد من الأدلة على فشل فرضيات لأطباء مارسوا تخبطات في التشخيص والعلاج على تلك الفتاة التي تحولت من وردة يانعة يتناثر عبيرها بين والديها إلى عاجزة تتغذى على قطرات العصير عن طريق أنبوب بعد أن كانت مزهرة تمارس حياتها الطبيعية بكل حيوية، وجهزت بيت الزوجية لتنيره ببسمتها عروسا، دخلت ندى متسشفى الملك فهد بالمدينةالمنورة وهي تسير على قدميها نحو أمل الشفاء من ألم المعدة، لتخرج منها محمولة على الأيادي غير قادرة على الحراك إلى مستشفى التأهيل الطبي. «عكاظ» وقفت على حالة ندى في يوم الأربعاء 24/11/1433 بحضور والديها وإخوتها وخالها وتناولت الموضوع مع والديها المرافقين لها بالتناوب واللذين يكابدان مشقة السفر يوميا من قرية المليليح على مسافة 80 كلم من المدينةالمنورة على طريق تبوك. يقول العم حجي بن رمضان المحمدي عن حال ابنته: «رفضت مستشفيات المدينة علاجها ومستشفى آخر في جدة اشترط لعلاجها أن تمشي على قدميها، ومستشفى آخر قالوا لي فيه (لو كنت يا عم من منسوبي الحرس الوطني لخدمناك)»، وأضاف بحسرة الأب المكلوم: «ابنتي عانت من مرض في بداية شهر ربيع الأول من آلام في الكبد وتحولت إلى مستشفى خاص وتم تحويلها بناء على حالتها إلى مستشفى الملك فهد بالمدينةالمنورة، حيث كانت تعاني انسدادا معويا أدى إلى آلام في المعدة وعملت منظار للكشف عن أسباب الألم حيث كانت المعدة متوقفة عن عملها الوظيفي في الجسم، وتم تشخيص وضعها من الأطباء في المستشفى بأنها تعاني ورما خبيثا على فتحة المعدة وقرروا إجراء عملية لاستئصاله، وتمت الموافقة لأني متوكل على الله وحده، وأجريت العملية وحمدا لله على نجاحها، وخرجت معافاة بصحة طيبة ولم تكن تشكو من أي آلام، وكانت تمشي وتمارس حياتها بكل تفاصيلها، وبعد أسبوع قرر الأطباء إجراء تجربة أشعة مقطعية لها لمعرفة مدى نجاح العملية، حيث أجريت لها أشعة مقطعية عن طريق الصبغة بالشريان ولم يسأل أحد من الأطباء إن كانت تعاني من أي مرض آخر ولم يعملوا لها تحاليل لوظائف الكلى، وكانت تخرج من أشعة إلى أشعة تنفذ كلام الأطباء دون سؤال بحيث أن الأشعة الأولى مغناطيسية وكانت حالتها طبيعية تتكلم وتأكل والأشعة الثانية مقطعية وعانت من اضطراب في النظر، ومن ثم عملت لها في اليوم التالي أشعة مقطعية أخرى وهي التي جعلتها تدخل ماشية وخرجت محمولة طريحة ودخلت في غيبوبة لمدة سبعة أشهر في العناية المركزة، حيث تركتها مغرب يوم الأربعاء وهي بخير قبل دخولها لعمل الأشعة، وتفاجأت صباح يوم الخميس عند سؤالي عنها بأنها (دخلت العناية المركزة)، وبعد 20 يوما أزيلت عنها الأجهزة وبدأت تفتح عينيها ولا تتكلم وبلا حركة وفتحت لها فتحة في الحلق للتنفس واستخراج البلغم، وصبرنا وآمنا بقضاء الله وقدره لأمل شفائها، ولكن عندما أتحدث مع الأطباء كان كل طبيب يرمي بي على الآخر، وعندما أذهب للآخر يكون في إجازة ولم أجد إجابة عن وضع ابنتي، وعندما أسألهم عن العينات التي أخذت لمركز الأبحاث في الرياض لا يجيبون علي سوى بكلمة (نحن سنخبرك) ويذهبون ولا أعود أراهم، إلى أن مرت السبعة أشهر دون أن أجد أي إيضاح عن حالة ابنتي»، وأشار المحمدي إلى أنه خاطب وزير الصحة وكان الشرط أن تعالج فقط في حال كانت تمشي على رجليها، وقال: «حصلت على عدة توجيهات بنقلها إلى مستشفيات متخصصة ولكنها قوبلت بالرفض من المستشفيات، ومن ثم رفعت شكوى إلى وزارة الداخلية، وعملت تقارير باللغة العربية، ويأتي أمر من نائب وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف ويأمر بعلاجها على حساب وزارة الداخلية وقمنا بتحويل أمر القبول لمستشفى الملك فيصل التخصصي ولكنه قوبل بالرفض للمرة الثانية، وختامها قدمت شكوى إلى أمير منطقة المدينة سمو الأمير عبدالعزيز بن ماجد الذي أعطاني أمرا بالموافقة على علاجها وتمت عن طريق الإمارة مراسلة أربعة مستشفيات في مدينة الرياض». وأوضح العم حجي أن السبب وراء رفض المستشفيات لحالة ندى هو نظرهم للتقارير الصادرة من مستشفى الملك فهد بالمدينة، أو أنه قد يوجد شيء بالخفاء لا يعلمه إلا الله، حيث إن المبررات ليست عادلة، فحجم مدينة الملك فهد الطبية ومستشفى الملك فيصل التخصصي لا يقارن بمستوى مستشفى الملك فهد بالمدينة، فإن كانت كل تلك المستشفيات قد رفضت حالة ندى، فلماذا لا يدبر أمري فأنا مواطن من هذه الأرض الطيبة وابنتي بين الحياة والموت إلى أن أتى اليوم الذي أبلغوني فيه بأن ابنتي في مستشفى التأهيل الطبي وعندما سألتهم لماذا، قالوا لي علاجها انتهى عندنا وستكمله في التأهيل الطبي، ومنذ أن دخلته لم يأتي أحد لزيارتها ومتابعة حالتها وفي التأهيل لا أحد يأتي ويتابعها سوى ممرضة تضع لها جبيرة برجلها». وناشد المحمدي بالنظر إلى حالة ابنته وعلاجها لتعود له تلك الزهرة اليانعة في المنزل. من جهته، أكد المحامي محمد بن أحمد بن هادي درويش المستشار الشرعي والقانوني أنه لا بد من إحالة ندى للجنة الطب الشرعي؛ لأن الخطأ الطبي بدأ بعد تكرار الأشعة المقطعية وعلى ضوء التقرير تتضح المسؤولية الجنائية والإدارية تجاه كل الذين باشروا علاجها من أول دخولها إلى وصولها للوضع الصحي الذي وصلت إليه، وأضاف درويش: «إذا ثبت الخطأ الطبي يجب أن يتحمل الطبيب التعويض عما أصاب المريضة ندى حجي المحمدي من ضرر تجاه ما وصلت إليه صحتها من تدهور بعد ذلك، والجزاء على الخطاء الطبي هو تجاه المسؤولية القانونية والتعويض هو تجاه المسؤولية الشرعية».