التوازن الحالي للقوى بين النظام والمعارضة في سورية يدفع القوى الإقليمية والدولية للبحث عن حل بديل، وهو ما ظهر أخيرا في اقتراح وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلي بأن يكون نائب الرئيس فاروق الشرع بديلا عن بشار على رأس المرحلة الانتقالية، فيما بدا أن المعارضة السورية وعلى رأسها المجلس الوطني بصدد دراسة الاقتراح التركي مع الميل إلى قبوله. أما النظام السوري مع حلفائه لا سيما روسياوإيران فلم يصدروا أي موقف إزاء اقتراح أوغلو في وقت تشهد فيه جهود الإبراهيمي جمودا شبه كامل. فماهي بدائل الأسد؟ أصبح النظام السوري خارج لعبة حل الأزمة السورية، لأنه بات من الصعب التعامل مع بشار الأسد لحلحلة الأمور في سورية، وعجزت المعارضة كذلك عن التوحد لحكم سورية المستقبل. لذلك اقترح الأتراك حلا وسطا للخروج من هذه الأزمة التي وصلت إلى شبه توازن عسكري بين المعارضة والنظام، وهو أن يكون الشرع بمثابة رئيس حكومة انتقالية نحو ديمقراطية جديدة وتنحي بشار. إن الاتراك يبحثون منذ وقت عن حل بديل للأزمة السورية، بل يتابعون أحداثها للوصول إلى تنحي الأسد. ووصول المعارضة والنظام إلى شبه التوازن العسكري أجبر الأتراك على وضع حل حيث إنه في كل يوم يسقط العديد من الشهداء، وتهدم المدن ليكون اقتراح الشرع بديلا للأسد حلا مؤقتا إذ من الطبيعي عندما تصل الأزمات إلى ما وصلت إليه سورية أن تكون حلولا مؤقتة انتقالية، وهي قد لا ترضي لا النظام الأسدي، ولا المعارضة السورية إنما تبقى مؤقتة لحين وضوح الصورة أمام المعارضة في المستقبل. من جهة ثانية، من غير المعروف إذا كان اقتراح أوغلي عبارة عن صفقة دولية، لكن المعارضة مجبرة على دراسة كل الاقتراحات التي تقدم من قبل القوى الإقليمية والدولية وخاصة الاقتراح الأخير. وليس باستطاعة المعارضة رفض المقترح فورا، بل هي مضطرة لأخذ مزيد من الوقت قبل إعلان الجواب النهائي كي لا تكون هي المتسببة في إطالة أمد الأزمة وتفاقمها، وبعد دراسة الاقتراح مع الأتراك والأسرة الدولية من المؤكد أن المعارضة ستعطي جوابا بهذا الخصوص، ولا شك أن الجواب سيكون إيجابيا بهدف تخليص الشعب السوري من مسلسل القتل اليومي والدمار الشامل الذي يصيب المدن والقرى في كل أنحاء سورية. أما النظام السوري فمما لا شك أنه متعلق بمكانته وموقعه، ويعتبر نفسه أن أمامه حلا واحدا لا ثاني له وهو ما يسمى الحسم العسكري، لكن هذا الخيار هو بمثابة الانتحار. وهو يسير على هذه الطريق بضغط من حلفائه (روسيا، إيران، الصين)، لكن فشل هذا الخيار سيجبر الأسد أخيرا على قبول التنحي خاصة أن الأسد لا أمل لديه بإعادة السيطرة على سورية من جديد، لذلك فإن الاقتراح التركي هو فعلا مشروع خلاص لهذا النظام؛ إذا أبدى من الآن وصاعدا قدرا أكبر من العقلانية.