حذر وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي من أن الوضع في سورية وصل إلى مرحلة أكثر خطورة على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط خاصة بعد التصعيد التركي السوري. وقال سيكورسكي في حوار مع «عكاظ» إن البنود الستة لمبادرة المبعوث الأممي العربي السابق كوفي عنان ما زالت مطروحة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية. وردا على سؤال عن القضية الفلسطينية أوضح أن بلاده تؤيد تسريع عملية السلام من أجل إعلان دولة فلسطين المستقلة، وبدء مفاوضات بناء على مبدأ الأرض مقابل السلام. وفي ما يتعلق بالملف النووي الإيراني قال إن طهران مطالبة بالكشف عن طبيعته، وإقناع المجتمع الدولي باستعدادها للتعاون بشفافية في هذا الشأن. وفيما يلي نص الحوار: من وجهة نظركم كيف تنظرون إلى نتائج اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ في رأيي أن الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة أتاح لنا الفرصة للتشاور مع وزراء خارجية دول العالم بصرف النظر عن النتائج المرجوة منه. فقد التقيت مع سمو الأمير عبدالعزيز بن عبد الله نائب وزير الخارجية، وبحثت معه سبل تعزيز العلاقات. وتابعت الكلمة التي ألقاها ونقل من خلالها وجهات نظر المملكة حيال قضايا السلام في الشرق الأوسط وسورية واليمن. وملفات هذه القضايا مطروحة على مائدة الاتحاد الأوروبي. ونحن في بولندا نشارك في المساعي الهادفة إلى التوصل إلى حلول تجنب المنطقة العربية المزيد من تدهور الأوضاع خاصة في ما يتعلق بالتداعيات الإنسانية للأزمة السورية. تطرقتم في كلمتكم أمام الجمعية العامة إلى اقتراح انضمام بولندا إلى عضوية مجلس الأمن، ففي رأيكم ما هي فرص إقرار هذا الاقتراح؟ لدينا انطباع أن دول أوروبا الشرقية غير ممثلة بالشكل المطلوب في مجلس الأمن. ولذلك سنتقدم بطلب ترشيح بولندا للحصول على مقعد في مجلس الأمن الموسع عام 2017. وهذا الاقتراح يعود إلى مبادرة بولندية سويدية لتفعيل دور دول أوروبا الشرقية في الأممالمتحدة. وإلى جانب هذا الموضوع تطرقت في كلمتي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى الشراكة الأوروبية مع الكتل السياسية المهمة الأخرى لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. وأكدت حرص بلادنا على سياسة التسامح وحوار الأديان. ولا شك في أن الملك عبد الله بن عبدالعزيز أطلق بمبادرته لحوار أتباع الأديان والثقافات ملفا ذا أهمية كبيرة في العلاقات بين الدول، ومفهوم التسامح والاعتدال، واحترام الآخر. كما تناولت في كلمتي ملفي حقوق الإنسان والأسلحة النووية. وشاركت وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفله في فكرة لنزع الأسلحة النووية التقليدية، ووضعها ضمن اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. مع التركيز على أهمية التعامل بشفافية للكشف عن حجم المخزون النووي لدى الدول حتى يمكن تفعيل اتفاقية شاملة في هذا الصدد. كيف ترون الموقف الإيراني من الملف النووي ؟ الملف النووي الإيراني يشكل لنا أهمية كبيرة جدا انطلاقا من أنه يسبب توترا كبيرا في المنطقة، ويهدد أمن الخليج. ونحن ندعم المشاورات الأخيرة لمجموعة 5+1 التي أجريت على مستوى مديري وزارات الخارجية على هامش الدورة ال 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأعقبها لقاء لوزراء خارجية دول المجموعة من أجل التنسيق للقاء مرتقب مع المفوض الخاص للملف النووي الإيراني سعيد جليلي، والمجموعة الدولية الممثلة في الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. إضافة إلى ألمانيا. ونحن ندعو إيران ألا تتوقف عند المشاورات ونرى أن المطلوب هو المشاركة الفعالة، والكشف عن طبيعة البرنامج النووي الإيراني، وإقناع المجتمع الدولي أن طهران مستعدة للتعاون بشفافية. تحدثتم عن أمن الخليج، فكيف تقرؤون الخطاب السعودي في هذا الشأن ؟ الدور الذي تضطلع به المملكة مهم وفعال ويرتكز على سياسة التوافق والتفاهم. وهو ما لمسناه في ملف الخليج والعلاقات مع إيران. وكان من الملفت الدعوة التي وجهها الملك عبد الله لقمة استثنائية لدول منظمة التعاون الإسلامي مؤخرا. ومشاركة جميع الدول الإسلامية في القمة التي تناولت قضايا تشكل مرتكزا مهما لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة. ومع اهتمامنا بالخطاب السعودي نؤكد حرصنا الشديد للتعاون مع الرياض في جميع المجالات؛ إذ أن المملكة تمثل شريكا استراتيجيا دوليا مهما للاتحاد الأوروبي. ولها دور لا يمكن الاستهانة به في المحافل الدولية مثل: الأممالمتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، ومجموعة ال 20 الاقتصادية. كما نرى حرصها على المشاركة بشكل إيجابي جدا في مكافحة الإرهاب. وماذا عن علاقاتكم مع المملكة فيما يتعلق بحوار أتباع الأديان والثقافات؟ هذا الأمر يعود للصفحة الجديدة التي فتحناها في العلاقات الثنائية بين البلدين والتي تم تتويجها بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لبولندا عام 2007. وقد شهدت العلاقات البولندية السعودية طفرة جديدة في عام 1989م حيث تم افتتاح سفارة للمملكة في وارسو، وسفارة لبولندا في الرياض. أما ملف حوار الأديان فهو يحظى بأهمية خاصة لما ترتب على مبادرة الملك عبدالله في هذا الشأن من افتتاح قسم للعلوم الإسلامية في جامعة وارسو قبل أربع سنوات. تطالبون بتفعيل العملية السياسية في اليمن، فما سر اهتمامكم بهذا الملف؟ سبق أن بادرنا بتأييد المبادرة الخليجية. والآن ندعم جهود الحكومة اليمنية لاتخاذ الخطوات السياسية اللازمة لتحقيق التهدئة، فضلا عن دعمنا التام لوحدة الأراضي اليمنية لما يشكله ذلك من إيجابية على أمن واستقرار الخليج. ونحن نرى أن التحدي الأكبر أمام صنعاء هو التعامل مع تنظيم القاعدة. وربما يمكن إجراء حوار على أسس وشروط تحددها الحكومة اليمنية. ونحن في أوروبا نتابع باهتمام شديد الأوضاع في اليمن انطلاقا من أن ملف القاعدة، ومكافحة الإرهاب مازال مفتوحا. ونتعاون مع مجموعة أصدقاء اليمن من أجل تفعيل الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في اليمن، والحد من انتشار تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. توليتم منصب وزير الدفاع في بولندا لعدة سنوات، فكيف ترون مستقبل حلف شمال الأطلسي «الناتو» ؟ بولندا تضطلع بدور فعال ومهم في حلف النات، والمهمات الدولية للحلف. ففي أفغانستان على سبيل المثال نحن نشارك في مهمة «إيساف» ونجهز مع شركائنا لمرحلة ما بعدها. وأعتقد أن لحلف شمال الأطلسي جانبا سياسيا واجتماعيا يهم الدول الأعضاء في الحلف. بعد التشاور حول الملف السوري، كيف تقيمون الأوضاع في سورية حاليا؟ ما زالت هناك جهود دبلوماسية جارية لحل الأزمة السورية. وقد شاركنا في لقاء أصدقاء سورية الذي عقد على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ونحن متعاونون مع القرارات الأوروبية التي أكدت على دعم مهمة المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي. وهي في الحقيقة مهمة صعبة جدا . كما أننا نطالب بتوحيد المعارضة السورية حتى يمكن إتاحة فرصة للتشاور. إضافة إلى دعمنا التام لسياسة العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على النظام السوري. وندين استمرار أعمال القتل والاشتباكات المسلحة التي أدت إلى ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من 20 ألف شخص، وتردي الحالة الإنسانية التي دفعت 200 ألف سوري إلى النزوح من ديارهم إلى مدن سورية أخرى، أو اللجؤ إلى دول الجوار. وفي رأيي الوضع السوري وصل إلى مرحلة أكثر خطورة على أمن واستقرار المنطقة، واستمرارية الأزمة تعني الدخول في نفق مظلم. وأعتقد أن البنود الستة لمبادرة المبعوث السابق كوفي عنان ما زالت مطروحة على الطاولة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية المتفاقمة وأعتقد ان التصعيد التركي السوري يعتبر تهديد خطير لأمن المنطقة. كيف ترون مستقبل السلام في الشرق الأوسط والمساعي الفلسطينية؟ لقد شاركت في اجتماع حول السلام والأمن في الشرق الأوسط، عقد في نيويورك مؤخرا على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونحن نؤيد تسريع عملية السلام من أجل إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة القادرة على الحياة. إلى جانب إسرائيل، وأن تبدأ المفاوضات بناء على مبدأ الأرض مقابل السلام. وقد كانت هناك لقاءات بولندية فلسطينية في السابق وفي نيويورك خلال الاجتماع الخاص بالشرق الأوسط. استضفتم اجتماع «مثلث فايمر» مؤخرا، فما تفاصيل المناقشات التي دارت في الاجتماع؟ مجموعة فايمر الثلاثية التي تضم بولندا وألمانيا وفرنسا دليل كبير على الحقبة الجديدة التي شهدناها بعد سقوط حائط برلين، وإغلاق الستار على حقبة الحرب العالمية الثانية، وتفعيل دبلوماسية التسامح والحوار. ونحن نلتقي على فترات متتالية للتشاور حول العلاقات بيننا، ودعم ملف الصداقة. ونعتبر المثلث انطلاقة لمستقبل أفضل لأوروبا، ونعمل من أجل تفعيل دور أوروبا دوليا، وفي المحافل الدولية فضلا عن مناقشتنا لملف الديون، والمستقبل الاقتصادي لأوروبا، والعلاقات الخارجية الأوروبية. وقد طرحت في اجتماع وارسو ثلاثة ملفات سياسية هي ملفات مستقبل الاتحاد الأوروبي،الأمن والدفاع، والشراكة مع دول أوروبا الشرقية .