إذا ما فتن المرء بالعجب بنفسه، وعطائه، وصفاته، واكتال من ثناء الناس دون أن يزن نفسه في ميزانها الحقيقي، عد فردا غاشا لذاته، موهما للداته، مضيعا لأوقاته، مرهقا لحياته، منهكا لأصواته، عاثرا بخطواته، وإنه ما من امرئ، يكل أمره إلى قدره، ويظن في نفسه فوق ما تستطيع من طاقات كاذبة، ويحملها ما لا تطيق من ثناء خارجي كسراب بقيعة، إلا ويوردها مواريد البلى والبلاء، ومواعيد الهوى والهواء. وإن هناك من بني جنسنا قوما إذا ما وجدوا في دواخلهم قيما يسرون بها، وشيما يمارون بها، تناهت بهم خيالات الكمال، وتعالقت نفوسهم بآيات الجمال، وتعلقت أفئدتهم بأستار الآمال. ولربما زينت لهم مدائح الإعجاب قلائد الأسباب، وأغرتهم عيون الأحبة بكذبة من وراء كذبة، واستمرأوا مجافاة الحقيقة، للبقاء في أعين الخليقة، فلا دامت ألسن الأغوياء، ولا طالت أعناق الأدعياء، ممن ارتدوا عباءات الفضيلة، فوق أجساد الرذيلة، وممن شوهوا سواهم، حتى لا يصدق إلا هم، ويصمون غيرهم بتزوير الحقائق، حتى لا تدينهم بعض الوثائق، هناك من يرى أن من الذكاء أن يسقط البناء المجاور، ليقوم برجه بكامل المحاور، وإن إضعاف حجة المسالم، أدعى لنصر كل ظالم ، وإن أول الطريق كي لا يبلغ النبأ، تكذيب من أتى بالصدق من سبأ؟، فأين يذهبون يوم أن يستنطق الضمير، ويوم أن يفر كل خائف من موقف عسير. ويوم أن تدور بالمراوغ الدوائر، ويسقط اللثام عن خطاب كل جائر. وقفة : ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم [email protected]