كشفت إحصائيات وزارة العمل أن هناك مليونين ونصف المليون باحث / باحثة عن عمل تقدموا لبرنامج (حافز ).. من بين هؤلاء مليونان ومائتا ألف فتاة، يشكلن نحو 90% من إجمالي العاطلين في البلاد. ويشكل هذا العدد الكبير والمعدل المرتفع لظاهرة البطالة بين الإناث تحديا كبيرا تواجهه البلاد ولا أقول وزارة العمل فقط فالقضية وطنية تستوجب تضافر جهود الجميع مؤسسات وأفرادا في المجتمع.. ذلك لأن تداعياتها قد تكون لا سمح الله كبيرة على الوطن والمجتمع ككل ما لم نبادر للحد منها. ولعل مما يزيد من عمق المشكلة أن مجالات العمل المتاحة للنساء في المملكة تعتبر ضيقة ومحدودة إلى حد كبير مقارنة بتلك المتاحة لعمل الرجال.. ففي القطاع الحكومي تتركز فرص عمل المرأة على القطاعين التعليمي والصحي.. وهو ما لا يمكن أن يعالج حتى جزءا من المشكلة الكبيرة. في وقت أشارت فيه خطة التنمية التاسعة الحالية إلى أن 95% من الفرص الوظيفية المتاحة موجودة في القطاع الخاص.. الذي يعمل فيه نحو سبعة ملايين وافد مع كامل تقديري لإخوتنا الوافدين . ومن هذا المنطلق جاء الأمر السامي الكريم القاضي بتأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية.. وهي التي تعنى بخصوصيات المرأة الشخصية.. وقصرها على المرأة السعودية دون وجود رجال بيع في المكان نفسه حسب ما اقتضته القرارات الوزارية المنظمة. ولقد أعطت وزارة العمل لمحلات بيع المستلزمات النسائية مهلة نهائية لتطبيق الأمر السامي الكريم انتهت في العاشر من شهر شعبان الماضي. وفي شهر رمضان الماضي ذهبت لتبضع بعض احتياجات العيد في واحد من أكبر المراكز التجارية في مدينة جدة.. وشاهدت محلات لبيع المستلزمات النسائية التزمت بتطبيق القرار حيث يعمل فيها سعوديات. ولكنني شاهدت أيضا محلات لبيع المستلزمات النسائية لم تلتزم بتطبيق القرارات.. حيث شاهدت في بعض المحلات الكبيرة والمعروفة شبابا هم باعة مستقدمون من دول عربية بمواصفات شكلية معينة يرتدون هنداما محددا.. يبيعون مستلزمات نسائية لفتيات بعضهن مراهقات.. مما قد يكون مدعاة للفتنة. هذا التحدي السافر للقرارات الرسمية والتعليمات الوزارية الصريحة.. يقتضي تطبيق معايير إلزامية حازمة وجزاءات عملية جادة بما في ذلك إغلاق المحلات غير الملتزمة بتطبيق القرار. فالسؤال هو: إن القرار صدر والمهلة انتهت.. فما هي المعايير التي ستطبقها الوزارة بحق المحلات التي لم تلتزم بتطبيق القرار والتي تمادت في تحديها للقرارات الرسمية؟. فالتجارب أثبتت لنا أن (بعض) التجار لا يستجيبون ما لم يكن هناك إلزام. وهناك أيضا مدارس البنات الأهلية.. صدر أمر سامٍ منذ زمن، مع دعم سخي من صندوق الموارد البشرية لتوظيف السعوديات كمدرسات في هذه المدارس.. ولكن ومع هذا فإن القرار على أرض الواقع لم يفعل حتى الآن.. ختاما.. أقول إن قضية توظيف النساء ووجود أكثر من مليوني عاطلة في المملكة هو أمر يستوجب التحرك في جميع الاتجاهات للتصدي له والاهتمام به.. لاسيما أن الجامعات والمدارس تقذف بمئات الآلاف من الخريجات سنويا إلى سوق العمل.. مما يعني أن هذا الرقم سوف يتزايد بشكل سنوي. وفي مقدمة الحلول تفعيل وتطبيق القرارات الصادرة في شأن توظيف النساء، ومن ثم الانطلاق نحو حلول خلاقة جديدة.