لم يكن الشيء الذي يدور في خلدنا ويسيطر على عقولنا ونحن نجوب مدن القطيف عامة والعوامية وضواحيها تحديدا، أثناء جولتنا فيها، أن نثبت معنى (الوطنية) في ضمائر أهالي هذه البقعة الطيبة من وطننا الكبير، فهذا أمر حسمته المواقف وأثبت الجميع أنهم الذراع القوي والحصن الحصين لهذا الوطن، وذلك من خلال حقائق دامغة تؤكد نبل ونقاء وأصالة سكان هذه المدينة الحالمة التي تغفو وتصحو على نسمات الصبا التي تهب من بحر الخليج. جولتنا في العوامية والقطيف كانت بمثابة قراءة متأنية لمكنون اللبنة والرواسخ التي صقلتها الأيام وأرست من خلالها دعائم حب الوطن عند مواطني هذا الجزء الغالي من وطن المحبة والسؤدد.. رصدنا خلالها مشاهد فرح التقطتها كاميرا الزميل سامي الغامدي من ثغر طفلة تلهو وتمرح في واحة يملؤها الهدوء والسكينة ورغد العيش رغما عن تلك التجاوزات العبثية التي افتعلها جهلة غير مدركين لمآلات الأمور فأشهروا السلاح في وجوه رجال الأمن البواسل غير عابئين بمعنى الاستقرار ومقاصده. نحن في أمن ورخاء مشاهد متكررة من البهجة أوردنا تفاصيلها ونحن نسير في طرقات ومساريب المدينة وكأن صدى صوت ينبعث من أحيائها (اليمامة، المجيدية، العوامية، القديح، سنابس، الخليج، حي البحر، والمناخ) وغيرها من الأحياء، حيث ردد الجميع بصوت واحد (أدام الله العزة لهذا الوطن وقيادته)، غير ذلك المشهد الجميل الذي يعبر عن تجذر مفهوم الوطنية التي انعكس لمعانها وبريقها من مآقي عيون أهالي القطيف، ومن ذلك ما قاله العم عبدالله القديحي وهو يتخذ مقعده في جنباتها حيث تقدم به العمر دهرا طويلا.. كلمة واحدة نبعت من قلب يكشف طهارة السريرة وتطلع لغد مشرق جميل لأبنائه، حيث يقول (حفظ الله هذه البلاد فنحن في أمن ورخاء). ولاء ووطنية ورسمنا في جولتنا هذه المرة ملامح الأفق الذي من أجله بدأنا المسير في عمق المدينة وأطرافها، حيث دلفنا إلى أحياء ومزارع وانغمسنا وسط المجتمع القطيفي الذي فهمنا واقعه الأصيل والثري، ففي كل مرة نصل فيها إلى هذه المدينة ونلتقي بأهلها نكتشف بعدا آخر جميلا لم نحط به سابقا، هذا البعد يتمثل في العلاقة الحميمية التي انتهجتها هذه البقعة الجغرافية من بلادنا الحبيبة ذات الجذور التاريخية التي تعكس مدى ولاء ووطنية إنسان القطيف تجاه وطنه ومجتمعه. مشاريع عملاقة احتضنتنا ونحن نسرع السير في طرقاتها، مشاريع عملاقة تنفذها الدولة حفظها الله لهذه المدينة وساكنيها، وحركة دؤوبة في التطوير لا تعرف الركون للدعة والراحة رصدنا خلالها تباشير السعادة حيث الواقع يخبر بحياة هانئة لم يعكر صفوها أو يشوه صورتها تصرفات أولئك النازقين وهم فئة قليلة وقصية تغرد خارج سرب الحضارة والوعي هزمتها إرادة وصمود المخلصين من أهل القطيف واندحرت دعاواهم الباطلة وردت عليهم. الوحدة الوطنية لقد كشفت جولتنا منابع الحركة المجتمعية في مدن القطيف التي تؤكد بأن الوحدة الوطنية هي الخيار الوحيد الذي راهنوا عليه في وقت تعالت فيه صوارف الأيام قائلين هي تلك الكلمة التي تعني في مقاصدها الانتماء لأرض الطهارة والخير. لقد كشفت جولتنا الوحدة التي قرأنا ملامحها صدق وبلا مواربه متجسدة في أوجه رصدتها كاميرا «عكاظ» أثناء تجولها على كورنيش القطيف ومدينة العوامية وغيرها، ورصدت بالصورة والكلمة واقع الأمن الذي يتفيأ ظلاله أهالي القطيف عامة، فهذه أحياء المشتل، الشهبا، والجميمة، تخبركم عن صدق ومكمن رغد العيش والسكينة في ظل قيادة اتخذت من شرع الله منهجا والعدالة مسلكا.