لاريب أن هناك توجها قويا تبنته القيادة لتوطين الوظائف والاستثمار في تنمية الموارد البشرية الوطنية. وبكلمة أوضح ثمة حراك حثيث لتقويض المعوقات لجهة حل مشكلة البطالة وتداعياتها مضيا في تحقيق التنمية المستدامة.. وفي هذا الإطار وصف وزير العمل المهندس عادل فقيه (إجازة اليومين) وما ينضوي في سياقها من إجراءات وتدابير لتحديد ساعات العمل في القطاع الخاص تماهيا مع ساعات العمل الحكومي (باللحظة التاريخية) في حال صدور القرار.. أتفق مع ما ذهب إليه معالي الوزير لكون هذا القرار لو طبق سيستقطب الكثير من الكوادر السعودية (المعطلة) الأمر الذي يسهم في انحسار البطالة بشقيها التقليدية والمقنعة، إلى ذلك ليس من الحكمة والحصافة ما تبدى من بعض رجال الأعمال بأن هذا التوجه يضر بالقطاع الخاص لدرجة أن بعضهم زعم أنه يمنيه بخسائر فادحة.. أقول لهؤلاء وأولئك من الخطأ مجرد الاعتقاد أن ثمة علاقة طردية بين ساعات العمل والإنتاجية بمعنى كلما زادت ساعات العمل زادت الإنتاجية بل العكس هو الصحيح فقد ثبت علميا بأن الجانب النفسي والاجتماعي للموظف هو المحك الأساسي في هذا المعطى، وبكلمة أدق كلما حقق الموظف استقرارا وتعافيا في بيئته الاجتماعية كلما كان ذلك دافعا قويا للعطاء والإنتاجية في بيئة العمل، وهذا لن يتأتى إلا بإعطائه مساحة من الوقت ليتسنى له التواصل الاجتماعي مع أقاربه ومعارفه لاسيما في مجتمعنا المترامي الأطراف، والدليل الأبرز على صحة ذلك أن الدول الأربع الأمتن اقتصاديا (هولندا، النرويج، الدينمارك، وألمانيا) معدل ساعات العمل لديها أقل.. في المقابل الدول الأضعف اقتصاديا هي التي تنتهج ساعات عمل أكثر كاليونان وبلغاريا وغيرها.. من هنا يمكننا القول إن كل المؤشرات والدلائل تشي بفاعلية وموجبات هذا المعطى ولا نرى مبررا للتوجسات والتخرصات، ألا يكفي أنه سوف يحل معضلة السعودة بوصفه من جهة يستقطب وجهة أخرى يثبت من هم على رأس العمل الذين طالما تذمروا من زيادة ساعات العمل وتبعاته ومن جملتها التسرب أو قلة الإنتاجية (ورتابتها) في أحسن الأحوال.. أزعم وبكل تأكيد أن أول من يبتهج بهذا المعطى في حال إقراره وميكنته هم من عارضوه وإن بعد حين.