من الأمور الاقتصادية التي تستدعي تكرار الكتابة والحديث عنها، ليس لمجرد أنها هامة ولكن باعتبارها قضايا مصيرية تمس جميع الفئات والطبقات، ومن أبرزها القلق الذي تفرضه حقائق الحياة بأن الثروة النفطية تتعرض إلى تقلبات سريعة بسبب عوامل وظروف خارجية في سوق الطاقة الدولي، ما يؤثر سلبيا في الإيرادات العامة والنشاط الاقتصادي المحلي، بالإضافة إلى أنها موارد طبيعية ناضبة ولابد من توقع نفادها في وقت ما في المستقبل، ولهذا يتفق الجميع بأن نضوب النفط ولو بعد مائة عام يستوجب تنويع القاعدة الاقتصادية. ومهما كانت الإيرادات الحالية كبيرة، لابد من التأكد الفعلي من استغلال الإيرادات الحالية لتنمية الاقتصاد وتأسيس القدرة على مواجهة احتمالات انخفاض عائدات النفط، وبالتالي عدم وجود إيرادات كافية للإنفاق على عدد متزايد من السكان. وفي نفس الوقت تتزايد حاجة المجتمع إلى بنية أساسية لم يكتمل بناؤها وبنية علوية لا ترقى لمستوى الإمكانيات أو الطموحات، مما يستوجب توسيع مجالات النشاطات الاقتصادية والخدمات المتاحة وتطويرها والارتقاء بالخدمات والصناعات واستثمار كافة الإمكانيات والمهارات، والاستفادة القصوى من الإيرادات الحالية من النفط بهدف زيادة الإنتاج والاستثمار في القطاعات غير النفطية كالخدمات المالية والصناعة التحويلية والبتروكيماويات والمعادن وصناعات التعدين والعناية الصحية والمنتجات الصيدلانية والسياحة، بما يحقق التنوع الاقتصادي، ويخلق فرص عمل جديدة من خلال زيادة نسبة القيمة المضافة التي تولدها هذه القطاعات الاقتصادية، مقارنة بنسبة بمساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة مساهمة الإيرادات العامة من غير الإيرادات في الإنفاق الحكومي الجاري في الميزانية العامة للدولة، وزيادة الصادرات غير النفطية ضمن صادرات المملكة. إن المتطلع لمستقبل أفضل وثقة أكبر في الاقتصاد سيبحث أولا عن ما تم لتحقيق التنويع الاقتصادي، لإعادة الاقتصاد إلى مساره السليم ثم دفعه للأمام دون الخضوع لإيرادات من مصادر محدودة وخاضعة للعديد من التهديدات الاقتصادية. ويمكن وضع عدة بدائل محتملة للموازانات العامة للدولة خلال السنوات القادمة تحت فروض مختلفة. ومهما كان الترشيد والتقليص في جانب النفقات فلن تنخفض كثيرا بسبب الزيادة الكبيرة في عدد السكان واحتياجات الإنفاق على البنية الأساسية، ولهذا فإن الآمال معقودة على نجاح القطاعات الإنتاجية في انتاج وتصدير سلع وخدمات غير نفطية. [email protected]