كم راعني وأذهلني أنه مازال بيننا أقوام يصفون المرأة إنسانا قاصرا.. سفيها.. جاهلا.. غرا (ناقص العقل والدين) يتساوى في ذلك مع ناقصي العقل من الأطفال. هذه الصفات تستشف من مقال للأستاذ عبدالله فراج الشريف بعنوان «المرأة واستعمال الجوال» البلاد .. 9/9/1433ه . جاء مقال الشريف تعليقا على أحد السائلين يستفسر من أحد علماء الدين كما يبدو عن مدى تأثير أجهزة الجوال، ومواقع الاتصال الاجتماعي (الفيسبوك والتويتر) على المراهقين وخطورتها على العقيدة وبناء العلاقات غير الشرعية بين الشاب والفتاة. سنتجاوز عن الطريقة التي صاغ بها السائل سؤاله.. ولكن لا مندوحة لي على تجاوز إجابة عالم الدين والتي تملكتني الدهشة لما جاء فيها.. إذ قال فضيلته: «يجب أن يستفاد من هذه الأجهزة فيما ينفع، وتكون بأيدي العقلاء وأهل الدين والمروءة.. لا بأيدي النساء والأطفال بل يستفاد من خيرها ويكافح شرها». وبهذا تكون الإجابة قد ساوت بين المرأة والطفل، وجردت المرأة من العقل والتمييز، ونفت عنها تقدمها العلمي، وأنكرت تطورها الثقافي، وتعامت عن مكتسباتها وإنجازاتها. ومن المفارقة العجيبة أنه بينما الإسلام أعز المرأة وكرمها، تأتي هذه الإجابة فتحط من كرامتها، وتستهين بقدراتها. ما أشد أسانا على من ران على قلوب أقوام نعدهم قدوة للمسلمين..!. إلى متى كما يقول الشريف «يظل هذا الفكر مسيطرا.. يقصي النساء، وكأنه لا حق لهن في حياة كريمة. فالعقلاء وأهل الدين والمروءة لا يكون إلا من الرجال». أنجرؤ على طرد المرأة من دائرة العقل، وهي التي ترعى شؤون الأسرة، وتنشئ الأجيال وتربيهم وتعلمهم دروس الحياة وقيمها؟. أينكر منصف أن المرأة خطت خطوات واسعة في التعليم حتى حصلت على أعلى الدرجات العلمية، وأظهرت مهارات في مجالات الأبحاث والطب والهندسة وإدارة الأعمال؟. أم يكابر أحدهم.. فلا يقر للمرأة بأنها قد نجحت في مجالات الصحافة والإعلام والثقافة، وفي دنيا الأدب من شعر ونثر وقصة ورواية، ونالت من جوائز التكريم لدورها في ميدان الاكتشاف والاختراع والإنجاز..مثلها في ذلك مثل الرجل؟. ألم ترق في حياتها العلمية.. حتى تسنمت مناصب مرموقة، فغدت نائبة وزير، ومديرة جامعة، ودخلت مجلس الشورى مستشارة ثم تقرر أن تصبح عضوا في المجلس. أفبعد هذا وحسب الإجابة على السؤال تظل المرأة كالطفل فاقدة لعقلها ودينها ومروءتها. وهي بذلك لا ينبغي أن تكون مواقع الاتصال الاجتماعي (الفيسبوك والتويتر) وكذلك الجوال في متناولها.. أم أن من العدل أن لا يغيب عن الأذهان ما بلغته المرأة من مستوى الذكاء والعقل والحصافة ما ضارعت به الرجل، فأصبحوا سواء بسواء؟. وأخيرا.. لعلي أنقل أن أحسن ما قيل عن المرأة أنها «مثل العشب الناعم.. ينحني أمام النسيم، ولكنه لا ينكسر أمام العاصفة»!. [email protected]