لا يختلف اثنان على أهمية مشاركة الشباب في التنمية، والجميع يطالب بإعطائهم فرصة أكبر وتطويرهم، ولكن من يتابع عن قرب هذه التصريحات والمطالبات يشعر أن قضية الشباب تراوح مكانها لأن كل المشاريع والتوصيات لم تتحول إلى واقع ملموس، بل معظمها تدور في نطاق العمل الفردي ولم نشهد مشروعا مؤسسيا ينهض بالشباب ويعزز مشاركتهم التنموية. في تقديري نقطة البداية أن نعرف من هم الشباب؟ لأن هناك لغطا في التعريف الإجرائي ولكن استنادا إلى تعريف الأممالمتحدة الشباب مرحلة عمرية تبدأ بعد انتهاء مرحلة الطفولة والمراهقة وتنتهي في أواخر السنة الرابعة والعشرين، وبناء على هذا التعريف ففي السعودية تفوق نسبة الشباب 60 في المائة من مجموع السكان، علما بأن السعودية تحتل المرتبة الثانية عالميا من حيث التناسل، والمرتبة الأولى عربيا من حيث نسبة الزيادة في عدد السكان. ومن هنا يتضح أهمية المشاركة الشبابية وتفاعلهم ليس فقط عبر وسائل الإعلام ولكن المشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات أو تنفيذ الخطط والبرامج ويكون ذلك عبر مؤسسات وقوانين تمكنهم من أن يمارسوا من خلالها حقوقهم وأن تكفل لهم أن يشتركوا مع غيرهم بكل ما يستطيعوا من فكر وعمل وإبداع. كما من الضروري إزالة كل المعيقات التي تكون حاجزا أمام مشاركة الشباب سواء أكانت اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو غيرها. هناك متطلبات عدة للشباب لن نتمكن من عملها دون أن يكون هناك تنسيق وعمل تكاملي بين جميع المؤسسات التي تعمل في موضوعات التنمية ففي ظل الدور السلبي للرئاسة العامة لرعاية الشباب في دعم الشباب أصبح من الضروري استحداث هئية عليا للشباب تختص فقط بشؤون الشباب ويكون لها مجلس أعلى من جميع الجهات ذات العلاقة وتمنح كامل الصلاحيات لعمل البرامج والخطط والآليات لتحقيق مشاركة الشباب بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي. أخيرا إن توسيع قاعدة المشاركة يعزز من مبدأ المواطنة ويعزز من مبدأ الانتماء لمصلحة الوطن ككل، فلا يكفي الاعتراف من الناحية الشكلية بحاجة التنمية إلى طاقات وجهود الشباب بل نريد اعترافا فعليا على أرض الواقع ليس فقط كي لا نخسرهم ولكن كي فعلا نستفيد منهم. *رئيس مركز آرك للدراسات والاستشارات