اعتبر الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني والقيادي في حركة حماس أن القضية الفلسطينية تعيش حاليا أخطر مراحلها، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يضرب بعرض الحائط جميع مقررات الشرعية الدولية. وقال الدويك في حوار مع «عكاظ» إن قرار إسرائيل تحويل ساحات المسجد الأقصى الشريف إلى أماكن سياحية أمر بالغ الخطورة. وأرجع عدم إكمال المصالحة الفلسطينية إلى تدخل أطراف خارجية ورفض الرئيس محمود عباس (أبو مازن) تشكيل حكومة وفاق وطني قبل إجراء الانتخابات. وشدد على أن الوحدة الوطنية تمثل صمام الأمان لمقاومة مخططات الاحتلال، مشيرا إلى أن الحل الوحيد للخروج من المأزق هو طرح جميع المسائل الخلافية على مائدة الحوار. وفيما يلي نص الحوار: أكدت قمة التضامن الإسلامي الاستثنائية وقمة دول عدم الانحياز دعمهما للقضية الفلسطينة، فكيف تقرؤن الموقف السعودي في القمتين اللتين عقدتا مؤخرا ؟ لا شك في أن القمة الإسلامية التي عقدت في مكة نهاية شهر رمضان الماضي بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبحث قضايا المسلمين هي واجب شرعي ومقدرة للغاية، لأن حال المسلمين الراهن يقتضي مثل هذه اللقاءات واتخاذ القرارات اللازمة من أجل دعم قضايا الأمة والدفاع عن وجودها وأبنائها، خاصة ما يجري في فلسطين من ناحية استشراء الاستيطان الإسرائيلي وفصل التجمعات الفلسطينية عن بعضها البعض وعزلها إلى (كانتونات) وتهويد مدينة القدس والسيطرة على مداخلها ومخارجها وحرمان المسلمين حتى من حق الوصول إلى المسجد الأقصى الشريف، وكذلك ما يجري في سورية. وكل ذلك يدل على أن حال المسلمين في حاجة إلى عقد مثل هذه القمة واتخاذ القرارات اللازمة والمناسبة، إضافة إلى حاجتنا إلى إنجاز المصالحة الفلسطينية وفق ما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني. كما أن قمة عدم دول الانحياز التي عقدت في طهران وحضرها سمو الأمير عبدالعزيز بن عبدالله نائب وزير الخارجية السعودي نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خرجت بنتائج وقرارات مهمة لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. وتجلى ذلك واضحا في كلمة الأمير عبدالعزيز وما حملته من تأكيد دعم المملكة لقضية العرب والمسلمين الأولى. تمر القضية الفلسطينية بمرحلة صعبة من تاريخها في ظل الغطرسة الإسرائيلية والانقسام الفلسطيني والمتغيرات السياسية في المنطقة، في ظل ذلك ما هي نظرتكم لمستقبل القضية الفلسطينية واتجاه الصراع العربي – الإسرائيلي؟ حقا القضية الفلسطينية تعيش أخطر مراحلها، ففي السنوات الماضية كانت إسرائيل تخطط لاستيطان الأرض واقتطاعها والسيطرة الكلية والنهائية عليها، أما اليوم فإننا نرى التنفيذ العملي والتسارع في هذا التنفيذ واتساع وتيرة الاستيطان، كلها تؤكد أن الاحتلال يضرب بعرض الحائط جميع مقررات الشرعية الدولية وبكل ما هو بديهي من حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه ومقدساته. ونتيجة لذلك لم يستطع فريق التفاوض الفلسطيني أن يفعل شيئا على أرض الواقع لوقف الاستيطان أو التهويد. وفي المقابل تجاوزت إسرائيل كل الحدود وتريد أن يعترف لها بهوية دولتها على أنها دولة يهودية بمعنى إسقاط كل حقوق الشعب الفلسطيني عن الأرض وعن المقدسات، وبالتالي نحن نعيش أخطر مراحل القضية الفلسطينية ووحدتنا هي مكسب للقضية، لكننا نرى أن محاولات المصالحة كلها تتعثر وأن أطرافا دولية متعددة تتدخل فيها. والاحتلال وبعض القوى الدولية لا تريد لهذه المصالحة أن تتم، ما يجعلنا نعيش مرحلة خطر حقيقي يهدد قضيتنا ومستقبلها. وعلينا أن نستفيد من مختلف المتغيرات المختلفة وأن تكون المصالحة نقطة البداية. وفي تقديري أن إنجازها واجب الدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي سعت سابقا إلى رعاية اتفاق مكة للمصالحة. وما تزال تبذل جهودا كبيرة في هذا الشأن. ما تزال المصالحة بين حركتي فتح وحماس تراوح مكانها وسط مناكفات واتهامات بين الطرفين حول تعطيلها مثل تعطيل لجنة الانتخابات والتعديل الوزاري في غزة وإجراء الانتخابات المحلية في الضفة، فكيف يمكن الخروج من هذه الدوامة ؟ المصالحة متعثرة بسبب تعنت طرفي الحوار (فتح وحماس) رغم التفاؤل الذي توقعه الكثيرون بعد اتفاق القاهرة قبل أكثر من عام، ثم إعلان الدوحة الذي حدد بالتفصيل مسائل مهمة من بينها الحكومة والانتخابات. وكان من المقرر أن يشكل الرئيس محمود عباس (أبو مازن) حكومة توافق وطني، غير أن وضع الشروط لتشكيل الحكومة عطل المصالحة بعد أن طلبت حركة فتح التحضير للانتخابات قبل تشكيل الحكومة. ونرى أن سبب عدم إكمال المصالحة هو رفض الرئيس أبو مازن تشكيل حكومة توافق وطني قبل إجراء الانتخابات. وإضافة إلى ذلك تحديد موعد للانتخابات المحلية في الضفة الغربية في أكتوبر المقبل، وهذا الأمر خطير جدا ويعزز الانقسام. أما فيما يتعلق بالتعديل الوزاري الذي أجراه إسماعيل هنية على حكومته في قطاع غزة، فإننا نرى أن الوضع العام يقتضى ملء الفراغ الدستوري، حيث لا يمكننا الانتظار إلى حين إجراء الانتخابات التشريعية. ولذلك اقتضت الضرورة إجراء هذا التعديل الذي تأجل عدة مرات على أمل إنجاز المصالحة والاتفاق على حكومة وطنية. ونحن نريد تحقيق المصالحة أولا قبل إجراء الانتخابات. والحل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو الجلوس إلى مائدة الحوار وطرح كافة المسائل الخلافية. ونحن نرحب في هذا الشأن بدعوة الرئيس المصري أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة للعودة إلى الحوار والخروج من الوضع الشاذ الذي نعيشه حاليا، لأن المستفيد الوحيد من الانقسام هو إسرائيل. وكما قلت فإن وحدتنا الوطنية هي صمام الأمان لمواجهة الاحتلال والتهويد والاستيطان. أيدت الجامعة العربية مسعى الرئيس أبو مازن للتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لنيل وضع عضو مراقب لفلسطين، كيف ترون التحرك السياسي والدبلوماسي للسلطة الفلسطينية في هذا الشأن ؟ نحن في المجلس التشريعي وأيضا في حركة حماس مع أي تحرك لإبراز القضية الفلسطينية. وقد باركنا سابقا جهود الرئيس أبو مازن في الذهاب إلى مجلس الأمن للحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، ووجهنا (بالفيتو الأمريكي) وعدم توفر النصاب بضغط من الإدارة الأمريكية. ولذلك فإن أي توجه فيه مكسب للشعب الفلسطيني نرحب به، لكننا كنا نود أن يكون التحرك الفلسطيني ضمن الوفاق الوطني والتأييد العربي، وقد حصلت القيادة الفلسطينية على التأييد العربي في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب بالجامعة العربية بالقاهرة مؤخرا. ونتمنى ألا يكون هناك تراجع تحت الضغوط الخارجية، ونحن نسمع التهديدات الأمريكية والإسرائيلية للقيادة الفلسطينية. ونرى أن الجمود في القضية الفلسطينية غير مناسب. ويجب التحرك لإبراز الحق الفلسطيني في الساحة الدولية، لأن وضع الجمود ملائم جدا لإسرائيل التي تستفيد من الوضع الداخلي في ظل الخلافات الفلسطينية، وكذلك الوضع الدولي المنحاز لها، حيث تستفيد من تكريس المزيد من سياسة الأمر الواقع على الأرض. ونحن مكلفون أن ننجز مكاسب هذا الشعب ولكي ندفع عنه بطش الاحتلال وممارساته الظالمة.