أكد عدد من أبناء القرى الحدودية بمنطقة جازان، الذين نزحوا من منازلهم الواقعة في نطاق الحرم الحدودي مع اليمن، أنهم تخلوا عن ذكرياتهم الجميلة في مساكنهم القديمة، استجابة وطاعة لولي الأمر، وتغليب مصلحة الوطن والمساهمة في ترسيخ الأمن والاستقرار. وقالوا أنهم يدركون أن الوحدات السكنية التي أمر خادم الحرمين الشريفين ببنائها مبنية وفق طراز معماري حديث، وبتصميمات هندسية فريدة تتوفر فيها جميع الخدمات الضرورية. مشيرين أن الوطن يستحق من كل مواطن الكثير من التضحيات من أجل المحافظة على مكتسباته ومقوماته الأساسية، وقبل كل ذلك أمن الحدود الذي يحتاج إلى ترتيبات تستحق من أبناء القرى الحدودية التعاون مع جميع الأجهزة الأمنية ذات العلاقة. العم أبو علي الذي تجاوز عمره ال80 عاما قال وهو ينتظر دوره لاستلام مفتاح وحدته السكنية، وهو يغادر قريته يتذكر دائما كلمات خادم الحرمين الشريفين عندما زار منطقة جازان للاطمئنان على أحوال أهلها جراء انتشار مرض حمى الوادي المتصدع، وهو يقول: (ليست روحي بأغلى من أرواح أهالي جازان)، رافضا لبس القفازات الواقية، متجولا بين المصابين في المستشفى للوقوف على أوضاعهم الصحية موجها بتوفير أرقى الخدمات لهم مهما كلف الأمر. وأضاف العم أبو علي، إن هذه المواقف من ملك الإنسانية والحرص على أمن الحدود، والرغبة في التفاعل مع كل ما يهم الوطن يجعلهم يتنازلون عن ماضيهم الجميل وذكرياتهم التي تسكن منازلهم القديمة ومراتع الطفولة والصبا، والحقول الزراعية التي يلتقون فيها ينثرون همومهم ويستعيدون فيها قصص الماضي، يملؤون النظر بمشاهدة السيول تنهمر من كل مكان مشكلة جداول بديعة وخرائط فريدة. «عكاظ» رافقت عدد من نازحي المعزاب والمجروب الواقعة جنوب شرق محافظة صامطة المنتقلين للإسكان الجديد في مركز السهي ليبدؤوا حياة جديدة متمتعين بأفضل الخدمات وسط مرافق سكنية راقية. يقول أحد سكان المعزاب «ارتباطي بقريتي وثيق ففيها توجد مزرعتي وأبقاري وأغنامي التي أحن إليها عندما أفارقها، سأتذكر زوايا منزلي بماضيه الجميل، إلا أن حب الوطن يجعلنا أكثر اطمئنانا لبداية حياة جديدة مهما كان الشوق للماضي، خاصة وأن كثير من صوره ستكون جزء من محتويات منازلنا الجديدة. وأشار إلى أن المسؤولين عن الإسكان عملوا على توفير أماكن خاصة لجميع الممتلكات بما فيها حظائر للمواشي. في ركن أحد الوحدات السكنية يجلس يحيى يسأل ببراءة الطفولة عن أصدقائه في القرية، وقال: إنه سيبحث عنهم في جميع الوحدات، وأنه على ثقة بأنه سيجدهم ليبدأ معهم رحلة سعادة أخرى. من جانبه أوضح المواطن عبدالله حسن أنهم ومع بداية مغادرة المنازل القديمة تفرقوا الأمر الذي جعلهم يبحثون عن بعضهم البعض إلى أن التقوا وقرروا عقد لقاءات ولكنها بعيدة عن المزارع والأودية التي تميز القرى عن غيرها من الأماكن، ولكن الهدف هو لقاء الأهل والأقارب والجيران مع بعضهم البعض. وأشار حسن وهو يتمعن وجوه أصدقاء القرية من حوله، أنهم جميعا قرروا الانتقال إلى الوحدات السكنية الجديدة، بعد أن تأكد لهم أن التنظيمات التي أقرت تصب في مصلحتهم وتحفظ أمن الحدود وقبل كل ذلك التفاعل مع رغبة خادم الحرمين الشريفين في إخلاء القرى الحدودية وإسكان أهلها في وحدات سكنية راقية، تحقق لهم الأمن والرفاهية. عدنا إلى العم علي الذي كان يتلقى تهاني عدد من أبناء قريته بمناسبة الانتقال للوحدات السكنية وسألناه عن حياته الجديدة مع أقرانه وقال: إن التغيير الوحيد هو المكان فقط، لأنه وجد جلسائه في القرية يسكنون معه في الوحدات السكنية التي جهزتها الدولة، وأنه وجد الرضا لدى كبار السن قبل الشباب الأمر يجعلهم أكثر تفاؤلا ببداية حياة جديدة تملؤها السعادة.