حي المصفاة الذي ما أن تدلف إليه أولى الخطوات حتى تستقبلك أكوام وإطارات تالفة وفي الأزقة حاويات شحن فارغة حولتها العمالة المخالفة من الجالية الأفريقية إلى محال لبيع المرطبات والأطعمة لعابري السبيل وأبناء الحي. وعند الغوص في عمق الحي تكبر رقعة السلبيات فجسر الخير «كوبري الميناء» يوما بعد آخر فهنا بسطات المأكولات التي أعدتها أيدي الوافدات بطريقة غير صحية تلاقي إقبالا من العابرين وهناك جلسات الشاي والمرطبات تحت ظلال ألواح الخشب «الابلاكاش» يتهافت إليها أشخاص شتى لتبادل الأحاديث والترويح عن أنفسهم ويبقى الحال كما هو على حد وصف العم سعيد الزهراني «مكانك راوح» بعيدا عن المعالجة لغياب الرقيب. ويستغرب الزهراني استمرار هذه السلبيات قائلا: هذه الشريحة من المقيمين في البلد لا فائدة منهم سوا التخريب وتشويه المنظر العام كما يشير إلى أن الأحواش العشوائية التي استولوا عليها وأحالوها إلى مخازن للبضائع والحاويات الفارغة هي ذاتها التي تؤمن لهم مخابئ من أعين الجهات الأمنية ليلا ويؤكد أن الوضع في حي المصفاة خصوصا في فترات المساء يبدو مخيفا ويحتاج إلى تحرك عاجل لضبط العمالة المجهولة وإغلاق الأحواش العشوائية قبل أن تتسبب في وقوع نتائج قد لا تحمد عقباها إذا استمرت في انتشارها وتكاثرها بجوار منطقة حيوية مهمة. من جهته يصف فهيد العتيبي الوضع بالمخيف ويقول منذ 30 عاما وأنا أقوم بنقل البضائع لأحد المتعهدين من الميناء على شاحنتي وأحيانا بسبب تأخر الإجراءات في الميناء أضطر إلى إيقاف شاحنتي في أقرب فضاء آمن وأعود لاحقا بعد انتهاء الإجراءات لتحميلها إلا أنني في الأعوام الثلاثة الماضية وحتى اليوم اضطررت للبقاء إلى جوار شاحنتي في كل مرة آتي لأداء عملي وتحمل مشقة الأجواء الساخنة وروائح التلوث الناجمة عن بقايا الأطعمة واستغلال العمالة المخالفة لبعض المواقع تحت الجسر لقضاء حاجتهم خوفا عليها من التعرض للسرقة. ويشير العتيبي إلى أن البسطات التي أقامتها الجاليات الأفريقية شهدت مشاجرات عدة وحالات اعتداء على مواطنين وللأسف لم تتمكن الجهات الأمنية من ضبط المتسببين في تلك الحوادث لهروبهم من الموقع قبل وصولها. وطالب العتيبي بتوجيه حملات عاجلة لضبط هذه الفئات المخالفة وإنهاء تجاوزاتهم التي أدت إلى تخريب البنى التحتية وتلويث المنطقة ببقايا الأطعمة والنفايات. فيما استنكر محمد الهذلي استمرار ظاهرة الأكشاك تحت جسر الخير وتزايد أكوام النفايات والإطارات والحاويات في أحواش المصفاة وأكد أنها ستؤدي إلى كارثة ونتائج مأساوية في حال تعرضها للعبث أو اشتعال حريق مفاجئ وقال الهذلي الوضع في الأكشاش وأحواش المصفاة ظاهر للعيان وغياب الأجهزة الرقابية في أمانة جدة والجوازات والشرطة عن متابعة هذه السلبيات ومكافحتها بشكل حازم يدعو للتساؤل ويبعث مشاعر الخوف من المستقبل إذا ما استمر الحال كما هو عليه لأعوام لاحقة. من جهته ذكر تاج السر آدم أحد العاملين في الأحواش أنهم يقدمون خدماتهم لأبناء جلدتهم بأسعار زهيدة ويساعدونهم في تغليف حاجياتهم وتعبئتها في حاويات مطابقة للمواصفات لشحنها إلى بلدانهم وقال نحن نمارس عملنا بشكل ظاهر وليس هناك ما يدعو للمخاوف كما أننا لم نواجه مساءلة من أي جهة وعن أكوام النفايات والإطارات وبقايا الأطعمة والمخلفات تحت الجسر نفى علاقتهم بها وألقى باللائمة على سائقي الشاحنات الذين يقومون بشراء الأطعمة والمشروبات من تلك البسطات المخالفة وأكد أنهم كذلك تسببوا في تلويث المنطقة والمواقع القريبة من الأحواش بسبب أعمال الصيانة التي يؤدونها بين وقت وآخر لشاحناتهم بأيديهم لتوفير الأجور الباهظة للورش. وعقب الناطق الإعلامي في شرطة جدة العميد مسفر الجعيد على الوضع القائم قائلا إن الجهات الأمنية تعمل وفق خطة تعتمد على تكثيف الحملات الأمنية المنفذة من دوريات الأمن مؤكدا تواجد الدوريات الأمنية ودوريات البحث الجنائي على مدى 24 ساعة لحفظ الأمن داخل الحي. وقال الجعيد أن الشرطة تنفذ حملات أمنية لمحاربة الجريمة في كافة أحياء جدة ولا تقتصر على حي معين وأضاف يزيد عدد المخالفين والجوانب السلبية في مثل هذه الأحياء بسبب عشوائيتها وكثافة السكان داخلها من جنسيات مختلفة. ولفت الجعيد إلى أنه تم تنفيذ العديد من الحملات الأمنية على حي المصفاة والكرنتينة أسوة بالأحياء الأخرى مبينا أنه جرى ضبط العديد من الحالات بداخلها منها أوكار تبيع المواد الغذائية المنتهية الصلاحية والبضائع المقلدة وتم تحرير محاضر مفصلة بكمياتها وأنواعها وتسليمها للجهة المعنية لإتلافها كذلك تم ضبط العديد من الحالات الجنائية التي جرى إحالتها للجهة المختصة. ونوه أن الحملات الأمنية حققت العديد من النتائج الإيجابية الكبيرة ونمت روح التعاون بين المواطن والمقيم والجهات الأمنية بالإرشاد على المواقع المشبوهة وهي مستمرة بلا توقف. في ذات السياق أكد الناطق الإعلامي في جوازات منطقة مكةالمكرمة المقدم محمد الحسين أن الجوازات تنفذ من وقت لآخر حملات مداهمة مع الجهات المختصة لمتابعة أوكار المخالفين لأنظمة الأقامة والعمل في هذه المواقع وقال إن الصعوبات الكبيرة التي تواجهها الفرق بسبب الشوارع الضيقة في تلك الأحياء لم توقف العمل الأمني الذي نجح في تجاوز كل الصعوبات وحقق نتائج كبيرة وأشار إلى أن الدور الأكبر لا يزال على عاتق المواطن والذي يجب أن يعي أن تأجيره منزله أو محله التجاري للمتخلفين أو المخالفين يعرضه للعقوبات كما يتسبب في استمرار وجود المتخلفين. من جهته أوضح مصدر مسؤول في أمانة جدة متابعة أوضاع الأحياء الجنوبية وتتابع ميدانيا أجهزة الرقابة على مدار الساعة جميع السلبيات كما يتم متابعة الباعة الجائلين في الطرقات والمحال التجارية المخالفة والأحواش والمطاعم غير النظامية وأشار المصدر إلى أن الأمانة تؤدي جهودا كبيرة في مجال القضاء على ظاهرة غسيل السيارات التي يزاولها المخالفون في الشوارع حفاظا على البيئة وذلك بالتنسيق مع الجهات الأمنية لافتا إلى إمكانية التواصل وتقديم المواطنين بلاغاتهم حول الملاحظات التي يواجهونها بالاتصال على الرقم 940 ليتم التعامل بشكل مباشر معها واتخاذ اللازم حيالها. يذكر أن أمانه جدة أعلنت في العام 2006 أنها ستبدأ تنفيذ مشروع تخطيط حي المصفاة جنوبجدة حيث قدر للمشروع وفق الدراسات الأولية نحو 180 مليون ريال. ويشمل المخطط فتح وتوسعة الشوارع وإنارتها، ضمن تطوير الأحياء والأزقة لكي تستطيع سيارات الخدمات العامة الوصول إلى تلك المواقع إلا أن ذلك المشروع بقي حبرا على الورق.