بدأ العام الدراسي وحضر الأبناء المستجدون إلى مدارسهم كل طفلٍ ممسك بتلابيب والده بينما الآباء يمسحون دمعة سقطت خوفاً ويمسكون بأيدي أبنائهم لتعينهم على حث الخُطى للدخول في العالم الجديد ويستمر مسلسل تخفيف الرهبة حتى يلفظ الأسبوع الأول من الدراسة أنفاسه. على أعتاب مدرسة أم تمسك بيد طفلها تتوكأ عصى الوجع وتسير في خُطى مُتعبة وبالحزن تكاد تشق الطريق تحاول أن تخفف عن ذلك اليتيم رهبة الأسبوع الأول توصله لباب المدرسة تطبع على خديه قبلة وتتركه وقد منحته دعوته بالتوفيق وتغادر. يحاول ذلك اليتيم أن يكسر رهبة الخوف يحمل بين الحنايا همين الأول خطوات البداية التي دائما ما تكون مخيفة والأخرى حين يجد كل طالب إلى جواره والده يخفف ألمه تارة وأخرى يحتضنه ليمنحه قوة العزيمة ويُشعره كم هي الأبوة عظيمة عندما تمتص الخوف من صدر طفل، حين تغرس في النفس قوة لارتقاء سقف العلم. يُعرف الطلاب بأسمائهم الثلاثية، فيصفق كل أب لابنه ويأتي دور اليتيم فيصفق السكون، ويزداد الوجع عُمقاً عندما يسأله عابر أين أبوك؟. تكتظ المدارس بنوعيات مشابهة يعود الأطفال يتحدثون ويروون قصص كل يوم في بهجة بينما يعود ذلك اليتيم وحيداً يقص على أمه حكايات الأبناء مع آبائهم فيباغته السؤال عن أبيه... عن رجل لو قُدر له أن يكون لكان الحال أحسن مما كان ولا اعتراض على أقدار الله. إن المدرسة باعتبارها البيت الثاني للطفل يجب أن تلتفت لهذه الناحية المهمة والمفصلية في حياة الطفل بحيث تهيئ معلمين لهذا الشأن يكونون بمثابة الآباء والمربين لهذه الفئة التي تحتاج إلى الكثير من العطف والأبوية أكثر من التعليم والكتب والحقائب، فئة تحتاج ليدٍ تُمسك بها تخفف عنها ألم الفقد الممزوج بخشية الموقف، لأن ما سيحدث اليوم سيكون مطبوعاً بل موشوماً في ذاكرة ذلك الوحيد حتى يموت وسيحكي قصة الوجع يوماً لأبنائه ليشعرهم بمقدار النعمة التي افتقدها يوما.