يقال بأن الطلاب والطالبات الذين يتمكنون من الالتحاق بكليات الطب هم نخبة خريجي الثانوية العامة، كما أنهم نخبة الطلاب والطالبات الذين اجتازوا اختبارات القياس والتحصيل بتفوق، ويقال بعد ذلك أن من يلتحق منهم بكليات طب الأسنان هم نخبة النخبة. ويقال أن نخبة النخبة ممن التحقوا بكليات طب الأسنان كانوا مطمئنين إلى مستقبلهم الوظيفي لا تروعهم كوابيس احتمال الوقوع في شرك البطالة التي استشرت، فبعد أن كانت تروع خريجي أقسام التاريخ والجغرافيا وعلم النفس وعلم الاجتماع في البداية، أصبحت أظافرها المدببة تؤرق منامات جميع خريجي التخصصات إلا تخصص طب الأسنان، فقد كان يحمل لهم الطمأنينة أن أمامهم خمسمائة وستين مليون سن وضرس لعشرين مليون مواطن سوف تعتمد عليهم في خلعها وتركيبها، إضافة إلى أسنان وأضراس المقيمين إقامة نظامية أو غير نظامية. ويقال إن الأيام دارت على أولئك المتخصصين في طب الأسنان ولم ترحم المتخصصات كذلك، حتى بلغ بهم الأمر أن التحقوا بصفوف العاطلين والعاطلات، وقد تحدث الثقاة من شهود العيان عن أنهم رأوا بعض أولئك الذين تخرجوا من طب الأسنان يملأون استمارات حافز وينتظرون «هباتها»، كحال جمهور العاطلين عن العمل والعاطلات. لم يحدث لهم ذلك لأن من سبقوهم أنهوا علاج ما يزيد على نصف مليار سن وضرس وتكفلوا بصيانتها بعد العلاج، بل لأن المستشفيات الحكومية اكتفت بمن فيها من أطباء الأسنان، ولم يبق أمام المتخرجين سوى القبول بالتعيين في المناطق النائية، وأن يستعدوا لاحتمال التعاقد معهم على «البند» أسوة بمن سبقهم في التخصصات الأخرى. أما المستشفيات والمراكز الخاصة المتخصصة في طب الأسنان، والتي تنافس الصيدليات والمشاغل النسائية في عددها، ولا نكاد نجد فيها أثرا لطبيب أو طبيبة من خريجي طب الأسنان، فهي بمنجاة من برنامج نطاق وألوانه الزاهية، فقد اكتفت بأن يكون المراجعون سعوديين ويكون الأطباء وافدين، ويبدو أن وزارتي العمل والصحة قد اقتنعتا بتلك القسمة. [email protected]