في حوار ضمنا في مجلس مبارك ضم رجال التربية والتعليم والفكر والأدب ورجال الأعمال دار حوار حول مكانة المعلم هذه الأيام ومقارنته بمكانة ودور المعلم في السابق واختلفت الآراء حول ذلك.. ومن منطلق اطلاعي على هذا المجال بحكم قربي منه ما يزيد عن ثلاثة عقود فإن سبب تدني مكانة بعض المعلمين وهيبتهم في بعض أوساط المجتمع يعود في المقام الأول للمعلم نفسه وللمجتمع في المقام الثاني وأخيرا إن لبعض الأنظمة واللوائح دورا في فقدان هذه المكانة وضعفها. ولو أخذنا المعلم أولا لوجدنا أن هناك معلمين ينظرون إلى التعليم كوظيفة وهمهم الأكبر (الراتب والدوام) وليس النظر إلى التعليم كرسالة يستمتع بأدائها وهذا ما كان يتصف به معلم الأمس، حيث كان معلما ومصلحا وأبا ومرشدا تربويا، بينما معلم اليوم (كثر الله خيره) لو أدى حصصه على الوجه المطلوب.. ناهيك أن معظم معلمي اليوم لا ينظرون إلى الأهمية القصوى لهم كي يكون المعلم بينهم قدوة حسنة لطلابه فالقدوة الحسنة خير معلم فلا يضيره أن يظهر أمام طلابه في مظهر لا يليق به كمعلم من حيث اختيار مفرداته ومصطلحات لغته سواء كان ذلك داخل المدرسة أو خارجها.. وهنا يكون تأثيره على طلابه سلبيا وليس إيجابيا كمعلم الأمس الذي كان يحظى باحترام وهيبة أبنائه الطلاب الذين ينظرون إليه كأب. أما المجتمع فللأسف الشديد فبعض أفراد المجتمع لا يعرفون قيمة الدور الذي يؤديه المعلم ولهذا لا يحظى المعلم بتقديرهم وقد يصل الأمر ببعضهم إلى التهجم على المعلم والمدرسة، وهنا أتذكر قصة رواها العالم الجليل علي طنطاوي - رحمه الله - حينما طلبت منه حفيدته الطالبة بالصف الرابع ابتدائي أن يسمع لها واجب القرآن الكريم يقول -رحمه الله- بعد أن انتهيت من التسميع لها إذ بها تسألني سؤالا بريئا وهو من أفضل في القرآن أنت أم المعلمة التي تدرسني فقال لها على الفور وبعتب شديد كيف تقولين هذا إن معلمتك أفضل مني بكثير وعلق على ذلك بأنه إذا لم نرفع من شأن المعلم والمعلمة فلن يحظى بتقدير أبنائنا وبناتنا، وبالتالي لن يتعلموا التعليم الصحيح.. وليت الأب الذي يتهجم على المعلم ويهدده يتعظ بما قاله الشيخ علي طنطاوي -رحمه الله. أما بعض الأنظمة واللوائح فإنها سلبت الصلاحية التي كان يحظى بها مدير الأمس حتى إن بعض المديرين الضعفاء لا يجرؤون على مواجهة المعلمين المقصرين أو حتى الطلاب وتجدهم لا يؤدون الدور المنوط بهم على الوجه الأكمل، والمدرسة كما نعرف هي المصنع الذي ينتج الأجيال فإما أن تنتجها بصناعة رائعة أو بصناعة رديئة، ولهذا نقول إن كل جهود الوزارة لن تثمر إذا لم نهتم بالمدرسة، والمدرسة لن تحقق المأمول لها إلا إذا اسند الأمر فيها إلى مدير جدير ومتمكن يستطيع أن يقود مدرسته بكل جدارة واستحقاق.. سيطول الحديث عن هذا الموضوع مهما تحدثنا عنه ولكن في النهاية الأمر وفي غاية البساطة «وراء كل مدرسة متميزة مدير متميز ووراء كل طالب متميز معلم متميز».. [email protected]