لي ابن وابنة يدرسان الطب ويمارسانه، لهذا فإني أرى الوجه الآخر للطبيب غير الوجه الذي يراه عامة الناس من خارج هذا الإطار. وربما لهذا أيضا أشعر بالتعاطف مع الأطباء عندما أقرأ ما يوجه لهم من هجوم واتهام بالتقصير، فقربي النسبي من حياة الأطباء جعلني أعرف أن هناك مبالغات وأكاذيب في كثير مما يقال ضدهم، وهي في أغلبها ادعاءات ناجمة من الغضب أو الجهل وسوء الفهم للظروف العلاجية. هذا لا يعني أنه ليس هناك أخطاء طبية، ولكن هناك فرقا بين خطأ يحدث بسبب الإهمال والتهاون واللامبالاة أو بسبب عدم التدريب الجيد وعدم الكفاءة العلمية، وخطأ يحدث خارج الإرادة رغم أنف جميع الاحتياطات وارتفاع درجة التدريب والمهارة! وإذا كان الخطأ الخارج عن الإرادة لا أحد له يد في حدوثه فإن غيره من الأخطاء غير ذلك، فالأخطاء التي تنجم عن الإهمال أو تدني مستوى التدريب والمعرفة، مسؤول عنها الطبيب وإدارة المستشفى التي يعمل فيها للتقصير في الإشراف والمراقبة والمحاسبة ولتشغيل أشخاص غير مؤهلين، وأيضا مسؤول عنها المؤسسة العلمية التي خرجت طلابا غير أكفاء وشهدت لهم بالمعرفة في المجال الذي خرجتهم فيه فوقعت في غش المجتمع والجناية عليه!! وقوع الأطباء في أخطاء يحصد المريض عواقبها السيئة، قضية قديمة عرفها الناس منذ عرفوا التداوي وطلب المعالجة، وحين كنت أطالع بعض المؤلفات وقع في يدي كتاب يحوي نصوصا في هجاء الأطباء، وهي نصوص ساخرة يغلب عليها الفكاهة أقرب ما تكون إلى الصور الكاريكاتيرية مثل ما قيل في وصف أحدهم: (يمشي وعزرائيل من خلفه، يشمر الأردان للقبض) ولكن مع ذلك هذه النصوص الساخرة تدل على معاناة الناس من أخطاء الأطباء وتكرر حدوثها إلى حد أنهم صاروا يتشاءمون من الأطباء، كما هو حالهم مع الطبيب (أبو الخير): عليله المسكين، من شومه في بحر هلك ما له ساحل ثلاثة تدخل في دفعة طلعته والنعش والغاسل وأحيانا يكون هجاء الطبيب تعبيرا عن الغضب أو الخيبة المرة لما تكرر من كثرة أخطائه فيكون الهجاء دعوة له إلى التخلي عن المهنة لعدم الكفاءة كقول أحدهم: أيا فاعلا خل التطبب واتئد فكم تقتل المرضى المساكين بالجهل فتركيب اجسام الأنام مؤجل فلم -لا كلاك الله- تعجل بالحل؟ كأنك يا هذا خلقت موكلا على رجع أرواح الأنام إلى الأصل ومع ذلك، فإن أخطاء الأطباء ليست دائما مكروهة، أحيانا يكون خطأ الطبيب حدثا (سارا) بل قد يتمناه المريض وذلك عندما يخبر الطبيب مريضه بإصابته بمرض خطير، فإن المريض في هذه الحال يتمنى أن يكون الطبيب مخطئا في تشخيصه وقراءة نتائج فحوصه، أو أن يكون خلطها بنتائج مريض آخر، لكن في غالب الأحيان لا يحدث ذلك ويكون الطبيب محقا في موضع الخطأ فيه هو الأحب إلى القلب!! فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة