يعاني المواطن اليمني مثله مثل أي إنسان من الضخ الإعلامي المتنوع؛ الصحف تتكاثر، والقنوات التلفزيونية تتناسل، ومواقع التواصل الاجتماعي تتوسع وسط الجمهور. وهذا شيء إيجابي يمكن كل طرف من اكتشاف الآخر، ومشاريعه وخياراته ومعرفة واقعنا بتناقضاته التي هو عليها، إلا أن هذا الانفجار الإعلامي ينتج عنه إشكاليات كثيرة، فالمعلومات متداخلة ومتضاربة ويتم صناعتها وفق الأهواء. من يتابع الواقع الإعلامي ويقارن واقع تأثيره سيجد أنها تعمق الفرقة والتشظي بين أبناء اليمن لأن الإعلام تحول إلى «بروباغنداط للإشادة بالذات وتبرير المصالح وفق قيم كبرى تؤكد الذات وتقصي الآخر. لقد تحولت الحرية في اليمن إلى سقف مفتوح لا يمكن ضبطه فانتجت نقائض الحرية وهي تؤسس لحرية فوضوية بلا قانون . التدفق المعلوماتي لم يعد تواصلا واتصالا إيجابيا، بل هو تواصل تحريضي وهدفه التعبئة والإثارة في صراع كل طرف يريد أن يحسم فيه معركته ليكون هو المهيمن وغيره تابع، ما يحدث في الإعلام يعبر عن الصراع الكلي الذي نعيشه، لقد عمق هذا التدفق الانقسامات وأخرجها بصورة بشعة وبث روح العداء المتبادل. هذا الانفجار قطع خطوط التواصل الحر والأخوي بين اليمنيين، وجعل الناس أكثر انعزالا. لذا لابد من مواجهة هذه الحالة التي صرنا نعيشها عبر تفعيل اللقاءات المباشرة على الأقل على مستوى النخب وعبر حوار مباشر لنتمكن من فهم أنفسنا بروح تواصلية راقية حتى نتمكن من فهم أنفسنا واختلافاتنا كمقدمة أولية لبناء توافق نافع للكل. يبدو لي أننا بحاجة إلى اللقاء والحوار حتى نفكك الحواجز، ونبني القواعد التي تمكننا من بناء التعايش وتعمير السلام. الحوار في اليمن ضرورة تاريخيه لا يقف ضده إلا من يريد للحرب أن تكون هي المآل. الحوار هو المنطلق لبناء دولتنا القادمه ولتجاوز المشاكل التي تؤرق وعينا. سيفتح الحوار الأفق للتواصل والنقاش وسيدخلنا حلبة الإخاء بعد أن حاصرناها بهذا التدفق الإعلامي. والحوار بداية لوعي جديد لابد أن نؤسس له، دعونا أيها اليمانيون ننسى الماضي، ونمارس النقد عليه دون أن يسجننا بين قضبانه دعونا نفكر في المستقبل ونبدأ في صياغة حياتنا الجديدة.