يعكس توجه وزارة الشؤون البلدية والقروية للتوسع في إقامة شركات للتطوير العمراني في الأمانات والبلديات عمق أزمة تطوير الأراضي في السنوات الأخيرة مما أدى الى مضاربات وارتفاعات كبيرة غير مبررة في الأسعار. وفاقم من الأزمة بشكل واضح تواضع أداء الكثير من شركات القطاع الخاص في أعمال التطوير نتيجة انحراف البعض منها باتجاه المضاربة على الأراضي لجني الأرباح بدلا من تطويرها. ويأتي هذا التوجه بعد الأداء الجيد لشركتي التطوير العمراني في أمانتي جدة والعاصمة المقدسة، وتجلى ذلك بوضوح في طرح وحدات سكنية نظام الإسكان الميسر بأسعار تقل بنسبة 30 في المائة عن السوق. في البداية يقول المهندس خالد سعيد باشويعر عضو اللجنة العقارية ولجنة التطوير العمراني في الغرفة التجارية الصناعية في جدة أن توفير شبكات المرافق التي تشمل المياه والكهرباء والصرف الصحي يمثل الهدف المنشود من أي عملية تطوير للأراضي لتصبح جاهزة لإقامة وحدات سكنية عليها في ظل معدل احتياج سنوى يصل إلى 150 ألف وحدة سنويا. وقال إن إسناد هذه المهمة إلى القطاع الخاص مقابل الحصول على عدد من الوحدات السكنية في المخططات الجديدة لم يحقق أهدافه كاملة في ظل ارتفاع التكاليف وضعف الدعم والتنسيق مع الأمانات والبلديات. واستعرض في هذا السياق أوضاع مخططات ولي العهد في جنوبمكةالمكرمة التي تعاني من إشكاليات مزمنة في إيصال المرافق منذ 30 عاما مما أدى إلى تأخير ملحوظ في تطويرها. ورأى أن إيصال المرافق ينبغي أن يحظى بأولوية مطلقة حتى يمكن بث الروح في عشرات المخططات التي تم توزيعها طوال أكثر من 30 عاما بدون أي مرافق أو خدمات أساسية. ودعا إلى دراسة إمكانية توحيد أعمال التطوير في جهة واحدة على أن يتم تقدير ضوابط الحد الأدنى من أعمال التطوير المطلوبة في مختلف المخططات لتحديد قيمة التكاليف. وتساءل عن مدى كفاية التمويل الحكومي لأعمال التطوير ومدى الاعتماد على البنوك والقطاع الخاص في ذلك، مشيرا إلى أن أعمال التطوير ترتبط بحجم الفراغات وعرض وأطوال الشوارع وأنظمة البناء وكفاءة التصميم. ووصف توزيع عشرات المخططات بدون أي أعمال تطوير في السنوات الأخيرة بأنه كان خطأ كبيرا لم يتم تداركه إلا في وقت متأخر، مشيرا إلى ان إسناد مهمة التطوير بالكامل للقطاع الخاص لا تحقق الأهداف المنشودة منها لتعارض المصالح في بعض الأحيان. وكان من المفترض أن تنهض الجهات الحكومية بمسؤولية التأهيل كاملة. ارتفاع الأسعار والتقط طرف حديث المهندس تركي التركي خبير تطوير الأعمال والمشاريع خبير المعهد العالمي لإدارة المشاريع، مشيرا إلى أن السوق العقاري شهد طفرة كبيرة في الأسعار في السنوات الخمس الأخيرة نتيجة لقلة الأراضي الجاهزة للبناء. وأيد الرأي السابق الذى يدعو إلى أن تأخذ الجهات الحكومية زمام المبادرة في أعمال التطوير، مشيرا إلى تجربة شركة أمانة العاصمة المقدسة في أعمال التطوير في مشروع الإسكان الميسر الذى طرح بأسعار تقل 30 في المائة عن السوق. ورأى أن تدخل الدولة في تطوير العشوائيات يسهم في حل مشكلة الإسكان، مشيرا إلى زيادة القرض العقاري إلى 500 ألف ريال والسماح بالتقديم للقرض بدون توفر الأرض. وأبدى أسفه الشديد لانشغال الكثير من الشركات المطورة بالمضاربة على أسعار الأراضي من أجل الحصول على الأرباح على حساب أعمال التطوير الحقيقية التي أنشأت من أجلها. ورأى أن مشكلة الإسكان في المملكة ساهم في اشتعالها بشكل ملحوظ السماسرة والمضاربات الوهمية، ولا يمكن التصدي لها بدون الوعي وتحديد منطلقات الحل من وجهة نظر واقعية. أزمة مفتعلة من جهته قال الخبير العقاري عبدالله بن سعد الاحمري أن أزمة العقار تبدو مفتعلة وغير مبررة لوجود مساحات كبيرة من الأراضي البيضاء التي لم يتم استغلالها، مشيرا إلى استعادة حوالى 300 مليون م 2 من لصوص الأراضي مؤخرا في مدينة جدة بمفردها. وأشار إلى أن المضاربات رفعت الأسعار إلى أقصى مدى ممكن لافتا في هذا السياق إلى أن قطع الأراضي التي لم يكن يتجاوز سعرها 30 ألف ريال على أطراف جدة خاصة الشمالية ارتفعت حتى وصلت إلى 400 ألف ريال حاليا. وتطرق إلى التحولات التي عاشها السوق العقاري في السنوات الأخيرة وخاصة بعد انهيار سوق الأسهم في 2006، مشيرا إلى أن هروب رؤوس الأموال إلى السوق العقاري أدى إلى تسجيل طفرة كبيرة في الأسعار، بات من الصعب البيع بها حاليا متوقعا في هذا السياق حدوث تراجع في الأسعار واتجاه السوق نحو تصحيح وضعه بنفسه. ورغم أن العقار هو الاستثمار الأمن، إلا أن المطورين المضاربين أوصلوا السوق إلى طريق مغلق. ونفى في هذا السياق وجود طفرة في الإقبال مشيرا إلى أن الحقائق على الأرض تشير إلى وجود طفرة في العرض على حساب الطلب وليس العكس.