عبثية المبدع يمارسها الكاتب السوري مروان قاووق تجاه دراما الحارات الشامية التي كان السباق في إطلاقها قبل ما يزيد على الخمس سنوات عبر مسلسل «باب الحارة» في جزئه الأول. فبعد أن وضع الكاتب الذكي كما يصفه النقاد أسس دراما الحارات الشامية حيث بنى عليها الكثيرون من بعده، ها هو وعبر مسلسل «حارة الطنابر» الذي يعرض في الدورة الرمضانية الحالية ينقلب وبشكل فني على الأسطورة الشامية التي صنعها، مقدما رسما كاريكاتوريا عنها بمثابة (ورقة نعي) معلنا وفاتها على الأرجح في حركة أقل ما يقال فيها أنها (عبثية مبدع) يتمتع بصنع العمل ثم يتمتع بهدمه. في «حارة الطنابر» الذي أخرجه فادي سليم استقدم مروان قاووق كل العناصر التي استعملها في حاراته السابقة من المكان إلى الشخصيات وحتى الأحداث والمقالب إلا أن ما أضافه عليها أنه أخرج كل تلك العناصر عن رمزيتها والصورة الأسطورية إلى الصورة الكاريكاتورية الساخرة المضحكة، فمختار الحارة بات ألعوبة وأسير ختمه، وعقداء الحارة تحولوا إلى مهرجين إن في مشيتهم أو في مواقفهم وشجاعتهم الكاذبة، حتى رئيس الشرطة بات رجلا أبله غير متوازن في شخصيته. «حارة الطنابر» إنها حارة مروان قاووق العبثية بعدما كانت «باب الحارة» حارته المثالية، فالانتقاد الذي وجه لقاووق قبل ست سنوات حول المثالية الخيالية والحارة الفاضلة التي قدمها ها هو يرد عليها بعد كل تلك السنوات بالحارة الكاريكاتورية إن صحت العبارة. ما فعله مروان قاووق في «حارة الطنابر» هل يشكل هدما للصورة النمطية التي كونها في مخيلة المشاهد العربي عن الحارة الشامية أم أنه يصرخ عاليا بوجه كل المقليدن له قائلا: إن اللعبة انتهت وتجربة دراما الحارات الشامية انتهت صلاحيتها. توقيت ذكي اختاره مروان قاووق لإعلان وفاة دراما الحارات الشامية، فبعدما بناها جلس على ركامها مطلقا قهقهة عالية كما المشاهد العربي الذي تابع حارة الطنابر وشخصياتها الجميلة المضحكة.