الحديث عن النقد الإبداعي ذو شجون كثيرة، والشروع فيه يقود إلى مسارات تطول وقد لا تنتهي. ولأننا هنا لسنا في إطار أطروحة أكاديمية متخصصة قد تبدو ذات منعطفات معقدة عويصة على القارئ الذي لا يطيق الولوج في متاهات الغموض، ولا يتحمل جرعات المصطلحات الكبيرة، فسنحدد حديثنا بتعريف شديد البساطة عن جانب عام من جوانب النقد وهو: (إبداء رأي هدفه الظاهري توجيه المبدع وتصويب هفوات العمل الإبداعي بهدف المصلحة الإبداعية العامة) وهو ما يستغله بعض (مدعي النقد) في إطلاق تعليقات سلبية علنية بعيدة عن المنهج الواضح للنقد البناء، لا تعلن عن رغبة حقيقية في خدمة الإبداع والثقافة، ويبدو بعضها أشبه بمحاولات للتذاكي بنبرة ساخرة متعالية تستميت في كشف عيوب العمل الخفية للمتلقي على غرار نشر الفضائح المحرجة للتقليل من شأن العمل ومبدعه بدلا من كشفها لصاحب العمل كي يتلافى أخطاءه في أعماله المقبلة، وبطريقة يبدو فيها توهم صاحب التعليق أنه أكثر أهمية وأرفع شأنا ومكانة من شخص المعلق عليه وإبداعه. بغض النظر عن مكانة الناقد أو المعلق في المشهد الإبداعي؛ يجدر بكل من يشرع بإبداء نقد أو تعليق سلبي وضع نفسه مكان المبدع الذي سيعلق على منجزه الإبداعي، وليوجه لنفسه الكلمات التي يخطط لقولها أو كتابتها في إطار النقد أو التصحيح قبل أن يطلقها، فإن وجدها لائقة مهذبة لا تؤذي نفسه إن وجهت إليه هو مباشرة فليقدمها بأسلوب راق أنيق يخلو من الإسفاف والتجريح، ولنتذكر جميعا أن الكمال لله وحده، أي أننا مرشحين لأخطاء أكبر وأفدح من تلك التي نعيبها على الآخرين، ومن حسن الأدب ألا نرضى لغيرنا منا ما لا نرضاه من غيرنا لنا. Twitter @zainabahrani [email protected]