جرد المسلسل السوري «أرواح عارية» الذي يعرض ضمن باقة رمضان على الفضائيات العربية الدراما السورية من المسلمات التي كان متعارفا عليها ومن دائرة المثالية والتقليد التي كانت تدور حولها الأعمال الدرامية السورية، وحررها من سلسلة الأب القدوة والابن العاصي، والزوج الخائن والزوجة المخلصة المخدوعة، والأم الحنون والعزباء اللعوب التي لطالما بنيت الدراما السورية على أساسها. تقع أحداث هذا العمل الدرامي المعاصر في أحياء دمشق، ويتناول موضوع الشك لدى الإنسان عندما تهتز بعض مسلماته وثوابته ومعتقداته، فيروي قصة «صلاح» (قصي خولي)، وهو رجل له معتقداته في الحياة وله عالمه الخاص، يعيش بتواضع ضمن عائلة مؤلفة من أب وأم وأخت ولديه العديد من الأصدقاء، فيدخل الحب حياته ويعيش قصة غريبة ومميزة مع امرأة متزوجة تدعى «ربى» (سلافة معمار) تعيش في خلافات عديدة مع زوجها. ومنذ الحلقة الأولى، يكتشف سامر (عبد المنعم عمايري) خيانة زوجته ربى له، ثم هروبها من بيته. فتلتقي في الليلة ذاتها بصلاح الذي يمد لها يد العون ويتقرب منها ويستقبلها في منزله بعد أن فقدت مأواها. يقع صلاح في حبها ليس كامرأة خائنة وإنما كإنسانة، فيعاني من صراع مرير بين رغبته بالارتباط بها وخوفه من مثل هذا الارتباط واصطدامه بحواجز المجتمع والأفكار السائدة والمشاكل المترتبة عن مثل هذا الارتباط. يشكل مسلسل «أرواح عارية» غوصا عميقا ودراسة وعرضا دقيقا لتفاصيل المجتمع العربي عموما والسوري بشكل خاص بهمومه وطموحات شعبه ونجاحاته وإخفاقاته، فيسلط الضوء على المشاكل الاجتماعية ويعرضها من زاوية جديدة مختلفة كل الاختلاف عن الزوايا التي كانت تطرح منها من قبل ويضعها حيز النقاش والتداول بين أفراد المجتمع وبذلك يكون مسلسل أرواح عارية العمل الدرامي الأول الذي يعرض المشكلات الاجتماعية بوضوح تام دون الهروب منها. إنه عمل درامي تطرق إلى قضايا المرأة والبنية الأخلاقية التي تحكمها. كما فضح وثار على القيم التقليدية التي تعيق أحيانا تطور المجتمع، فنرى أشكالا متناقضة من الحياة اليومية كالشك والثقة، الأخلاق والفساد، الحرية والاستعباد وغيرها. في هذا المسلسل، طرح جريء وجديد للكثير من الموضوعات التي تتم معالجتها للمرة الأولى في الدراما التلفزيونية، وهي موظفة بدقة للمساهمة في طرح المشاكل الحقيقية والجوهرية في المجتمع العربي المعاصر. «أرواح عارية» المسلسل الذي قام بإخراجه الليث حجو وكتب السيناريو فادي قوشقجي يحاكي الثورة السورية التي وكما يبدو لم تكن تهدف إلى الإصلاحات السياسية والاجتماعية فحسب بل بدأت تثمر نتائجها عبر الدراما.