لكل منا هدف أو عدة أهداف يسعى جاهدا لتحقيقها، يتعثر ويستقيم ويسقط ثم يقف ويبقى المرء منا معلقا في مراده وغاية مناه، وغاية مناي أن لا تكون أهدافنا لا تتجاوز مصالحنا وذواتنا، فأنبل الأهداف هي تلك البعيدة المدى التي يطال خيرها القاصي والداني والحاضر والمستقبل وتمتد بامتداد الحياة ونستفيد منها دنيا وأخرى وتكون إرثا لأجيال تعقبها أجيال، فكل شيء في حياتنا له قيمة بل سيكون غدا شاهدا علينا، وقيمة بني البشر في هذه الحياة أنهم مستخلفون فيها ومسؤولون عن عمارتها. إذن علينا أن لا نعيش لأنفسنا بل نكون لنا ولغيرنا، بمعنى أن ندرك أن من يعمل لا يعمل لنفسه ومن يتعلم لا يتعلم لنفسه وكذلك من يكتب ومن يخطب ومن يرأس ومن يدرب ومن يخطط أو يضع القرارات أو ينفذ أو حتى يطرح أفكاره ورؤيته أو آماله وتطلعاته فكل ذلك عنه الإنسان مسؤول، فالهدف مسؤولية وما أعظم أن تكون أهدافنا مسؤولة وغاياتنا محمودة العواقب. وما الكوارث التي تحل بنا اليوم أو أحلت بنا إلا لأننا نفكر أو فكرنا باليوم وانشغلنا به وتركنا الغد يواجه كوارث أنانيتنا وأخطائنا وقصورنا وتقصيرنا بل رؤيتنا المحدودة المدى وغير المتبصرة بعواقب الأمور التي لا تتجاوز حدودها حدود المصلحة الفردية الملموسة والمسبوقة الدفع أما العامة والمؤجلة والمحسوسة فقد جردنا ضمائرنا البتة منها بل وأمتنا قلوبنا عمدا متعمدين وما عدنا نشعر بها وإن شعرنا فلا يشعر ولا يحس الإنسان منا إلا بنفسه إلى أن أصبحنا وأمسينا على واقع حال مخز حيث كل منا اليوم لا يقول إلا نفسي.. نفسي.