يلتقي الليلة الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ عددا من الشخصيات والأكاديميين والكتاب والمثقفين والمتخصصين والشباب، ضمن سلسلة حوارات المسؤولية المشتركة التي تنظمها «عكاظ»، وتستضيف فيها أصحاب السمو الأمراء والمعالي الوزراء وأصحاب القرار لتعزيز التواصل بين المسؤولين والمواطنين بمختلف اهتماماتهم وشرائحهم ونشاطاتهم لتبادل الرأي واستماع كل من الآخر. «عكاظ» استطلعت رأي عدد من الكتاب والمهتمين بقضايا الهيئة و تطلعاتهم ومطالبهم من أعضائها. حيث أكد مسؤولون وأكاديميون وكتاب ورجال أعمال وشباب على أهمية الدور الكبير الذي تؤديه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مؤكدين أن كل أفراد المجتمع هم أعوان للهيئة في تأدية هذا الدور. لكنهم طالبوا بالمرونة والتعامل بالحسنى مع الجمهور وكذلك تكثيف التدريب والتطوير لإحداث نقلة نوعية في عمل الجهاز، مشيدين بما تحقق خلال الفترة القصيرة الماضية برئاسة معالي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ. وفي هذا السياق أوضح الدكتور محمد الهرفي الكاتب ب «عكاظ» أن هناك عددا من الموضوعات التي ينبغي طرحها على طاولة رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وطلب التعليق على ما يتداول من أن ردات الفعل التي تحصل أحيانا مرجعها سوء معاملة الهيئة، وتساءل ألا ترون أن وضع نظام دقيق لطريقة عمل رجال الهيئة الميداني بحيث يكون معروفا عند الناس يسهم في رسم صورة أفضل لرجال الهيئة ويحد من تجاوزات البعض. وأضاف: لماذا لا تتحرك الهيئة سريعا لإيضاح الحقائق ومعاقبة المسيء؟. الدور التوجيهي أما الكاتب والإعلامي الدكتور محمد المشوح فقال: رسائلي إلى معالي الشيخ عبداللطيف آل الشيخ الرئيس العام هي أن تواصل الهيئة دورها التوجيهي والإصلاحي التوعوي الأكبر الذي تقوم به الآن وأن يستشعر الجميع من الأعضاء دورهم في يسر من غير عسر ولين من غير شدة فالقلوب جبلت على حب من أحسن إليها وأعظم الإحسان كلمة طيبة ومعالي الرئيس بحكمته خير من يشيع هذا الإحسان بين الأعضاء وسوف تتشبث هذه الدولة المباركة بعمل الهيئة الشرعي ومفتاح الخيرية لهذه الأمة وكذلك المجتمع الذي هو الآخر يدرك دورها وبقي تعاون الجميع لتحقيق التكامل المنشود. تكريس المفهوم وطالب الدكتور صالح الكريم بتكريس مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعميمه على المجتمع كاملا بحيث يكون الجميع يشارك في هذه الوظيفة السامية، كما دعا إلى توضيح المفاهيم الخاصة بالأمر بالمعروف وأساليب تطبيقها وتقديم هذا على النهي عن المنكر بما وردت به الآية الكريمة حيث أن آلية تعامل بعض أفراد الهيئة ضعيف مع الأمر بالمعروف في حين يكون قويا صارخا في النهي عن المنكر، كما طالب بأن يكون هناك ترابط بين الجامعات والهيئة باستقطاب كوادر واعية حضارية وأن تكون هناك شفافية بين الهيئة والإعلام. تاريخ الهيئة من جهته، وجه الأكاديمي والإعلامي الدكتور سعود المصيبيح رسالته إلى رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائلا: جئتم بخلفية شرعية عميقة وفاحصة ومؤصلة وتنطلق من سماحة الإسلام ويسره مع خبرة طويلة في العمل الحكومي وعند مسؤول يعد مدرسة في الإدارة والوطنية وهو سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولهذا قدر المجتمع لكم خطواتكم الإصلاحية وتفهم التحديات التي تمرون بها واقترح أن يعود معاليكم إلى تاريخ الهيئة منذ أن بدأت والاستفادة من كل التجارب التي مرت والرؤساء الذين تعاقبوا عليها وأعتقد أن التطوير يبدأ بمراجعة ملفات العاملين وشهاداتهم الدراسية وخبراتهم في الحسبة وكيف دخلوا الهيئة بحيث لا يبقى فيها إلا المتخصصين في الشريعة والمهيئين للتدريب ثم تعاد عملية التدريب المنظمة الواعية وأفضل من يتولاها الآن معهد الإدارة العامة بالتعاون مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حيث البعد الإداري والشرعي الوطني وإعادة التدريب والتأهيل وفق خطة التطوير واستراتيجية الهيئة، وسيتمكن معاليكم من إيجاد جهاز فاعل يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة ويقوم بجانب الحسبة مثل مراقبة الأسعار والغش التجاري مع الاهتمام بالجانب التربوي والتوعوي والتثقيفي بين مختلف أوساط المجتمع. الأمر بالمعروف من جهته قال المحامي أحمد بن خالد الأحمد السديري: أتمنى أن يأمر أعضاء الهيئة بالمعروف ولا يتدخلوا في شؤون الناس، وكل ما أريد أن يترك الناس في حرية تامة إلا إذا بدر منهم ما يخالف الشريعة والقانون فسلوك الناس يخصهم طالما أنهم لم يخالفوا الشريعة والقانون. وأضاف: وجود الشيخ عبداللطيف آل الشيخ حسن من أداء الهيئة إلى حد كبير ، فمنع المطاردات التي فيها أذية للناس وهذا ما يطالب به الناس لأنها تسببت في وفيات وهذا العمل تعاقب عليه الشريعة. مهام الهيئة وتساءلت الكاتبة الدكتورة عزيزة المانع أسئلة عديدة وجهتها لرئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقالت: ما هي القاعدة التي جرى عليها تقسيم المهام بين هيئة الأمر بالمعروف والشرطة؟ مثلا لم تسند جرائم السرقة والقتل والشغب إلى الشرطة، وتسند جرائم تعاطي المسكرات والبغاء والاختلاء بالنساء أو التحرش بهن أو عدم الالتزام بالزي المحتشم إلى الهيئة؟ ما الفرق؟ أليس كل الجرائم تتضمن مخالفة شرعية ووقوعا في الاثم؟ ألا يبدو في هذا التصنيف إيحاء بأن الجرائم الأخلاقية هي المحظورة شرعا ولذلك أسندت إلى هيئة دينية، وأن الجرائم الأخرى جرائم ترتبط بمخالفة النظام ولم ترتبط بالشرع ولذلك أسندت إلى جهة مدنية؟ وما الخدمات التي تقدمها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للناس ولا تستطيع الشرطة تقديمها؟ وقالت الدكتورة المانع: إن أفراد الهيئة غالبا يقومون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون أن يكون لديهم توصيف معتمد من الهيئة يحدد صفة المعروف الذي عليه حث الناس على اتباعه أو صفة المنكر الذي يتوقع منه نهي الناس عنه. فيمضي كل فرد منهم يطبق معاييره الخاصة على ما يظنه معروفا أو منكرا، وقد ينتج عن ذلك تضييق على الناس وربما إيذاء لهم، متسائلة: ألا يمكن وضع معايير واضحة ودقيقة تحدد أنواع المخالفات التي يحق للهيئة ضبطها، وتعلق في الأسواق والمطاعم والأماكن العامة ليعرف الناس ما هو مسموح به وما هو غير مسموح؟ وتساءلت أيضا: هل المقصود بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الاقتصار على التوجيه والنصح والوعظ، أم يدخل ضمنه الالزام والارغام؟ رسالة الهيئة الكاتب عبدالعزيز الدخيل قال: اختيار وتعيين معالي الشيخ الدكتور عبداللطيف عبدالعزيز آل الشيخ له موقع حسن في نفوس الناس، بعد أن ضاقوا ذرعا بتصرفات بعض أفراد الهيئة، ويكفيني أن أنقل عنه جملته (الأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بلا منكر)، جملة لها معناها ومغزاها. وعليك أن تختار الرجال الذين يؤمنون بما تؤمن به وما ائتمنت عليه ويدركون أهمية وضرورة تطوير آلية وأسلوب ومنهجية العمل لتكون منسجمة مع المبادئ الأساسية في التعامل مع المسلم كما جاءت في القرآن الكريم. يوجه الله أمرا إلى نبيه مرشدا إياه لتوخي الرفق في المعاملة فيقول تعالى «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك»، وبما أن هذا توجيه المولى عز وجل لنبيه الكريم الذي عرف بالرحمة وكرم الأخلاق والمعاملة بالحسنى فلا بد من أن يكون مثل هذا التوجيه أكثر إلحاحا وتأكيدا لمن دونه من البشر ممن يتعاملون في أمور الدين. حراك وتطوير وقال رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني: ندعو لرئيس الهيئة بالتوفيق في عمله ونشير إلى أن مايدور من حراك لتطوير العمل وخصوصا الميداني والتأكيد على استمرار منع المطاردات وخصوصا في مقابلتنا الأخيرة سمعنا مايثلج صدورنا من جهود تهدف إلى حماية حقوق الإنسان وتحقيق هذه الشعيرة الغالية على نفوس الجميع وتأكيد هذه الرسالة التي من الممكن أن تصل بطريقة محببة للنفوس ووسيلة مثلى يحث عليها الدين الحنيف. وأضاف: هذا العمل يحتاج إلى جهد ومن خلال التدريب والتثقيف والمتابعة فالمسؤولين في الهيئة وعلى رأسهم معالي الرئيس يستطيعون تحقيق ذلك، ونحن في حقوق الإنسان نستمع لوجهات النظر ونقول لمن يطالب بالإسراع والتعجيل في بعض الأمور أن يعطي هذه الإدارة الجديدة للجهاز الوقت ليتحقق المنشود. عمل المرأة رجل الأعمال طارق فقيه قال: إننا نريد أن تساهم الهيئة في وضع الأجواء والبيئة المناسبة لعمل المرأة من غير تأثير سلبي على صاحب العمل كما تضع نظاما خاصا لمنع التحرش الجنسي ليحفظ حقوق المرأة العاملة، مبينا أنه لامناص حاليا للمرأة من العمل حيث إنه لا تستطيع كل سيدة توفير لقمة العيش وبالتالي تسعى لبذل جهدها لتعف نفسها وتكفيها شر الحاجة. إيقاف المطاردات المهندس عبدالله سابق عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان قال: إن البعض يقول إن الهيئة تريد التسلط على الناس، كما دعا إلى أن تعمل الهيئة وفق النظام وأن توقف المطاردات. ولفت إلى أن التشدد لا يأتي بخير خاصة مع الشباب. ردم الفجوة ويقول الدكتور محمد الهجيني من الخطوط السعودية لاشك أن هناك فجوة بين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة وبين المجتمع من جهة أخرى نتيجة لصورة ذهنية ترسخت عبر سنوات من خلال بعض الممارسات والاجتهادات الخاطئة من بعض أفرادها وكلنا يعلم أن الممارسة السلبية أو الانطباع السلبي يترسخ أكثر من الصورة الإيجابية. وأعتقد أنه ينبغي على الهيئة أولا أن تعمل بشتى الطرق على ردم هذه الفجوة وأول متطلبات ذلك في رأيي تأهيل أفرادها وعناصرها وحسن اختيارهم بل والدقة في اختيار من ينخرط في العمل في الهيئة وتدريب أفرادها على مواجهة الجمهور والتعامل مع الآخرين وترسيخ مفاهيم إيجابية لديهم للتعامل مع الحالات التي يتصدون لها. تدريب العاملين في نفس السياق يؤكد هشام العسلي المدرب في التنمية البشرية على أهمية تدريب العاملين في الهيئة شأنهم شأن أي جهة تقوم بتدريب وتطوير مهارات منسوبيها ففي النهاية التعامل مع الناس يقتضي العديد من المواقف والظروف وربما المفاجآت لذلك يجب على من يتصدى للتعامل مع الناس أن يتحلى بالحكمة وبالمهارات التي تمكنه من أن يكون إيجابيا ويعكس صورة إيجابية. وما ترسخ لدى الكثير من أن أفراد الهيئة إنما يتعقبون سلوكيات الناس ويعاقبون أكثر مما ينصحون لهذا نتطلع إلى أن نرى تصرفات وتعامل راق من رجال الهيئة باعتبارهم عناصر يؤدون أعمالهم الموكلة إليهم بالحسنى واللطف والنصح والبشاشة ولاشك أن هذا يتطلب الكثير من الجهد والوقت. علاقة مهزوزة أما الشاب سلطان مقبول طالب جامعي فيقول: عندما تسمع لأحاديث الشباب عن الهيئة ندرك أن هناك علاقة مهزوزة تماما بين الطرفين يجب أن تعامل الهيئة الشباب وتنظر لهم باعتبارهم لهم متطلبات ورغبات لا ريبة فيها ويجب أن لا تتعرض لهم إلا في حالات واضحة جلية تستدعي ذلك فرجل المرور مثلا لا يوقفك إلا عندما تخالف مخالفة واضحة كذلك المعلم أو إدارة المدرسة أو التربوي لا يعاقبك إلا بعد أن شرح لك خطأك ويتفاهم معك وتشرح له وجهة نظرك هكذا نريد العلاقة بين رجل الهيئة وبين الشاب حتى وإن أخطأ فهناك طرقا عديدة للتعامل مع هذه الخطأ بالحسنى واللطف وبالتأكيد فإن هذا اللطف وحسن التعامل سيتيح علاقة جيدة بين الطرفين. خوف الشباب الشاب عبدالعزيز بن خالد طالب جامعي يقول إننا معشر الشباب نشعر بشيء من الخوف والرهبة عندما نتذكر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسبب في ذلك المواقف الكثيرة التي يتعرض لها الشباب خاصة من أفراد الهيئة ونظرتهم دائما وبشكل مبدئي إلى الشباب بكثير من الريبة والشك. فتجدهم يتعرضون لمواقف قاسية منهم سواء في الأسواق أو أماكن الترفية أو الشوارع أو المقاهي وبالطبع هذا النوع من التعامل والأحاديث المتناقلة بين الشباب من المواقف التي يتعرضون لها جعل هناك حاجزا كبيرا بل خوفا ورهبة من أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأعتقد أنه يجب على الهيئة تجسير هذه الفجوة بين الطرفين وأن تعمل على أن تكون صديقة للشباب واحتوائهم والتعامل معهم بشكل مختلف وأن تغير نظرتها للشباب ولا تعتبرهم مذنبين ابتداء حتى تثبت براءتهم فأنا كشاب لست مجبرا على أن أبرئ نفسي من صورة لا ذنب لي فيها. المعاملة الحسنة رجل الأعمال عبدالله الأحمري يقول: لا أحد ينكر أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما نتمناه ونرجوه من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممارسة عملها بالحسنى والتعامل مع الحالات التي تتولاها بالحكمة وأن تجعل من الموعظة الحسنة ليس شعارا فحسب وإنما تجسيدا على الواقع خاصة فيما يتعلق بالشباب. نريد أن نرى أفراد الهيئة وقد اكتست ملامحهم البشاشة والابتسامة امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم (وتبسمك في وجه أخيك صدقة).