عند ذكر شهر رمضان المبارك، يتبادر إلى أذهاننا الفائدة الصحية للصوم، وما يجنيه البدن من بصمات طبية بحتة للصائم، وكأن الصيام ثلاثون كبسولة دوائية نأخذها طيلة الثلاثين يوما. إذا قلنا إن الجسد يحتاج إلى الغذاء المادي، كذلك الشهوة تحتاج إلى الغذاء الجنسي، ولكنهما ينطلقان من نقطة واحدة، فمتى شبع البطن تحركت الغريزة لترتوي، وكلما سكنت الغريزة هدأ الجسد، فلذلك كان لا بد أن تسكن الغريزة ويهدأ الجسد، ليتحرك العقل وتنشط الروح، ومن أجل هذه الحقيقة وضع الله حكمة الصوم، إذ هو أجدى وسيلة لتربية العقل والروح معا. فالصيام أنجع طريق لتفجير الطاقات الكامنة الثائرة عند الإنسان، ولزيادة استبصاره وإظهار إبداعاته، أما من الناحية الاجتماعية فالصائمون متساوون في بواطنهم، الرجل والمرأة، والغني والفقير؛ أو الأبيض والأسود، فيميع مع الصيام الكبرياء والتفاوت الطبقي، ويبقى الجانب الإنساني وهو البارز .. ففي رمضان يتم إقحام النفس إجباريا نحو السمو الأخلاقي والتعامل الروحي الروحاني. فالصوم أحبتي مدرسة إصلاحية لمدة 30 يوما، وكلنا تلاميذ بها. بالنسية لرؤية الهلال في وقوع الصوم وإعلانه، هو إثبات الإرادة وإعلانها أمام الروح وملذاتها ولو علم كل سكان الأرض أن الصيام يوحد بين البشر، وأنه حالة من التوازن الجسمي والروحي، لصام الناس جميعا، فهو إعلان لثورة وانقلاب على الجسم وغرائزه وشهواته، وإذا طهر الفرد وطهرت روحه طهر العالم من حوله. فوزي صادق