لم يخرج الغرض من وراء البعثات التي اعتمدتها الجامعات عن الغرض الذي كان وراء نشأة الجامعات، فإذا كان الغرض منها هو تخريج كوادر من المعلمين فإن الغرض من وراء بعثاتها كان تخريج كوادر من المعلمين كذلك، والفرق بين هؤلاء وأولئك أن خريجي الجامعات كانوا يتولون التدريس في المدارس فإن حاملي الشهادات العليا من مبتعثي الجامعات كانوا يتولون التدريس في الجامعات نفسها ولذلك ظلت مقاعد هذه البعثات، وفي وقت لاحق مقاعد الدراسات العليا في الجامعات نفسها، مقصورة على من تختارهم الجامعات معيدين يتهيأون لتولي التدريس في الجامعات نفسها أو في الكليات والجامعات التي تبتعثهم ابتعاثا داخليا في الجامعات التي بها أقسام للدراسات العليا. وكان هذ الغرض من وراء البعثات ماثلا في أذهان من ابتعثوا كذلك، ولذلك لم يجدوا ضيرا في أن يقوموا بتحوير تخصصاتهم العلمية البحتة لكي تصبح إعدادا تربويا يتمكنون من خلاله تولي تدريس تلك المواد التي ابتعثتهم جامعاتهم للتخصص فيها، وهو تحوير لم تجد جامعاتهم التي ابتعثتهم ضيرا في تقبله والموافقة عليه كذلك، ولذلك فإننا إذا ما فحصنا شهادات كثير من ذوي الاختصاص من أساتذة الجامعات فإننا لن نقف على تخصصات علمية بحتة، بل تخصصات يتداخل فيها الجانب التربوي مع الجانب العلمي إن لم يطغ عليه، فحامل شهادة الدكتوراة في الفيزياء على سبيل المثال إنما هو حامل لشهادة الدكتوراة في طرق ووسائل ومناهج تدريس الفيزياء. أورثت الجامعات بعثاتها ودراساتها العليا الدور الذي كان مناطا بها فعاد مبتعثوها إليها معلمين لا علماء، ولذلك لم يكن للجامعات دور في تطوير البحث العلمي، ولم تشهد أروقتها ومعاملها ومختبراتها منجزات علمية، وظلت قاصرة على حلقات تعليمية تعنى بتدريب الطلبة الذين سوف يتخرجون معلمين أو موظفين لا يلبث أن يستهلكهم التدريس أو سوق العمل. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 153 مسافة ثم الرسالة [email protected]