الضرب على الأيدي لا يعني الإيلام ولكن يعني الكف عن الأذى والتأديب والتهذيب والإنصاف. وإن آلم ذلك المفسدين أو عذبهم أو أحدث الضرر في حياتهم فليس بأكثر إيلاما وتعذيبا مما فعلوه بالناس فهم لم يحدثوا فقط ضررا بحياة الناس بل قضوا عليهم البتة ودمروا أحلامهم وتطلعاتهم وشتتوا وئامهم ولم يتركوا لهم حتى متنفس للأمل. وليس المعتدي بأفضل من المعتدى عليه. فأعجب ممن يتعاطف مع المفسدين عندما يحل بهم عقاب الله، نعم جميعنا لا يتمنى الهلاك لأحد ولكنهم هم من أهلكوا أنفسهم وأهلكوا الناس معهم، ومادام لم يجد معهم النصح والإرشاد ولا يتحرك لهم ضمير ولن يتحرك فيستحقون العقاب والنبذ والطرد والإبعاد وقلة القيمة. وهذا ليس بقطع رزق كما يظن البعض بل هو من الإصلاح الذي تساهل فيه الكثير منا خشية قطع الأرزاق مما جعل الفساد يتفشى ويتربع نافخا ريشه كالطاووس متبخترا قائلا للجميع: (يا أرض انهدي ما عليك قدي). وأتساءل هنا كما يتساءل كل ذي لب، أيهما أفضل قطع رزق المفسدين الذين لا نأمل ولا نرتجي منهم خيرا وصلاحا إلا أنهم يمتصون دم الغلابى ويعيثون في الأرض فسادا ليرتاح الناس من شرهم ويهنؤوا بعيشهم؟. أم قطع رزق أولئك الكادحين من الخيرين والمخلصين الصالحين لبناء الوطن والمواطن؟.