العمارة والتصميم أقنعة كاذبة الاتفاق على هذه الحقيقة لن يشكل فارقا، لكن هذا ما يحدث فعلا، العمارة والتصميم الداخلي وجهان لكذبة واحدة عرفها التاريخ كأجمل كذبة، الاهتمام المبالغ في المسكن وطريقة بنائه وترتيبه من الداخل والخارج يدلان على حقبة بشرية تهتم بالأقنعة وتنتقي أجملها لتخفي ما عاب فيها، إن الجميل في هذا أن المدينة لا تتضرر، بل على عكس هذا تنمو بحضارتها وجمالياتها لتوازن بين قبح المخبر وجمال المنظر، أما المزعج في هذه الكذبة أن حبل الكذب قصير وعلى ما يبدو بأن الاهتمام به لم يعد يشكل فارقا لدى الكثير، فاللامبالاة بالمظهر العام للمدن أصبح يظهر لنا قبح الانتقاء للمواد والألوان، وحتى التصاميم الخارجية للمباني فينعكس سلبا على الأشخاص بالتأكيد، مما يجعل الأمر مدعاة للتساؤل هل قبح العالم كله ناتج من قبح المظاهر الحضارية فيها؟ هذه الكذبة الإعمار و التصميم استطاعت أن تخفي عيوب الخلق على جدران المنازل وواجهات المباني وعلى زخارف الأبواب و النوافذ.. الإنسان كان قادرا على أن يخفي عن العالم كله ما وراء الأبواب ويظهر قبحه لنفسه؛ لهذا كانوا يرددون الأمثال على هذا المنوال ك«للبيوت أسرار»، استطاعت هذه الكذبة أن تجلي عنا الحقائق، أن تخفي عنا أدق التفاصيل، والصفات وحتى الأشخاص، نحن مقنعون بالمقابل من أخمص أقدامنا إلى جدران منازلنا، منازلنا لم تعد كالسابق إنها تزداد جمالا فيزداد معها حجم القناع المرتدى والمراد إبرازه للعالم.. ميلنا للظهور والتفاخر جعل هذا الفن يتكاثر، وميلنا للكذب بمعنى أكثر دقة زاد من معرفتنا به! قلتها لكم إنها أجمل كذبة عرفها التاريخ. فاطمة آل قيصوم