تبنت اليونسكو طريق الحرير القديم.. كما تبنت معالم ومواقع أثرية أخرى حول العالم كجزء من التراث الإنساني.. وضمتها إلى قائمة التراث العالمي التابعة للأمم المتحدة. ويعد درب زبيدة من أشهر الطرق التاريخية التي سلكها الحجاج والتجار لقرون من الزمن.. ويبلغ طوله أكثر من 1400 كلم.. ويضم قرابة 60 موقعا أثريا إسلاميا.. ابتداء بموقع الظفيري في محافظة رفحاء مرورا بمنطقة حائل ثم المدينةالمنورة وانتهاء بمكة. وكان حلقة اتصال مهمة بين بغداد والحرمين الشريفين ومعظم أنحاء الجزيرة العربية.. وقد اهتم الخلفاء العباسيون بهذا الطريق وزودوه بالمرافق المتعددة، كبناء أحواض المياه وحفر الآبار وإنشاء البرك والسدود وإقامة المنارات المرشدة للحجاج.. كما توجوه بنظام جيد من قنوات الري في المشاعر المقدسة لتأمين المياه للحجاج.. وقد صمم الطريق بطريقة فنية وهندسية متميزة تناسب ذلك العصر، وقد اشتهر باسم «درب زبيدة» نسبة إلى زبيدة زوجة هارون الرشيد، التي أسهمت في بنائه وعمارته. وخطط مسار هذا الطريق بطريقة عملية وهندسية مختصرة وأقيمت على امتداده المحطات والمنازل والاستراحات، ورصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية والموحلة والصخرية الصلبة، فضلا عن تزويده بالمنافع اللازمة، كما أقيمت عليه علامات ومنارات توضح مساره ليهتدي بها المسافرون، ويوجد به 27 محطة رئيسية ومثلها محطات ثانوية. إن هذا الطريق يمثل حقبة مهمة من التاريخ الإسلامي.. إلا أن معالمه وشواخصه الأثرية تعاني الإهمال والاندثار بفعل الزمن، لذلك نأمل من الجهات ذات العلاقة وخصوصا الهيئة العامة للسياحة والآثار أن تولي العناية والاهتمام الكافي به. ولعل من المناسب أن تسعى الهيئة لدى منظمة اليونسكو لفتح مكتب لها في المملكة من أجل الإسهام في حصر هذا الكم الهائل من مقومات التراث الإنساني المتوافرة في المملكة، والعمل على إدراجها ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي كآثار تاريخية إسلامية ومنها درب زبيدة.. ولاسيما أن المملكة من أكبر الداعمين لهذه المنظمة الإنسانية. * مستشار وخبير منظمات إنسانية.