..عرف عن الأصمعي واسمه عبدالملك بن أصمع الباهلي، أبو سعيد، أنه كان أول من قام بعمل أنثروبولوجي ميداني في تاريخ العرب بتجواله في المدن ومضارب القبائل والجماعات التي تعيش في الأمصار. وفي كتاب «المجلة العربية 185» قدم الأستاذ فاضل الربيعي بحثا علميا عن الأصمعي بعنوان: في ثياب الأعرابي الأصمعي إمام الأنثروبولوجيا العربية وفي الفصل الأول من الكتاب يوضح الأستاذ الربيعي: كيف يجب أن نقرأ الأصمعي؟ بقوله: «كيف يتوجب علينا فهم مرويات الأصمعي، أو ما يسمى في المؤلفات الأدبية القديمة والتاريخية ب (نوادر الأصمعي) ؟ هل هي حقا مجرد أخبار ومرويات ونوادر وطرائف لغوية واجتماعية وحسب، أم أنها عمل أنثروبولوجي رفيع المستوى، تم انجازه ميدانيا وليس خلف المكاتب الوثيرة بتعبير كلود ليفي شتراوس، وخلال رحلات استكشاف وبحث ومعايشة يومية ومنتظمة؟ وأن هذا العمل بصورته الكاملة لم يصلنا إلا مقطع الأوصال، وإن تكفلت بعض المؤلفات التاريخية والدينية واللغوية بحفظ اليسير منه؟ هذا السؤال يواجهنا اليوم، كما واجه الثقافة العربية في الماضي، وقد يظل معلقا دون جواب ما دمنا نفهم عمل الأصمعي على أنه نوع من جمع لمادة ثقافية، فيها الطريف والغريب في اللغة والحياة الاجتماعية للعرب، إن هذا التصور السائد والشائع في ثقافتنا المعاصرة، يدعم ويؤكد وجود إشكالية حقيقية في قراءة التاريخ الثقافي للعرب، وأكثر من ذلك، يؤكد وجود إشكالية عميقة ومعقدة تتعلق بالمنهج المتبع في قراءة المرويات العربية القديمة، لذلك وبسبب الفهم السطحي لهذه المرويات، فقد تأسست قراءة مضللة ساهم فيها كتاب ومعالجو نصوص تاريخية وأدباء وفقهاء ورواة حديث ومفسرون، لقد فهمت نصوص الأصمعي بالفعل، وبوجه الإجمال سواء في الماضي أم اليوم، بهذه الطريقة الجامدة، ولم تجر أية محاولة جادة لدراستها واستنباط أفكار ورؤى، كان يجب ويمكن أن تساهم في التأسيس لقراءة مضادة ومغايرة لكل التراث العربي القديم، وربما في تأسيس أنثروبولوجيا عربية (علم إناسة عربي) يمكننا من فهم المجتمع الذي نعيش فيه، وهو المجتمع ذاته الذي درسه، بدلا منا، الغرب الاستعماري، ولكن بأدواته الأنثروبولوجية الميدانية الاستشراقية، ولأن الاستشراق الذي درسه مجتمعنا طوال عقود أهمل الأصمعي كما أهملناه نحن، وسعى بكل الطرق إلى تثبيت فكرتنا المركزية عن نصوصه، بوصفها نصوصا مسلية، فقد صدقنا الخدعة وقمنا بترويجها». وإلى الغد لنقرأ تاريخ الأصمعي بما لخصه المؤلف في كتابه. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة