في خضم متابعة الصحف للأحداث العربية والمحلية الساخنة تنزوي أخبار محللي الطقس في مساحات غير مرئية، ولا أعلم ما إذا كنتم لاحظتم أن الخبراء يتوقعون أن تصل درجة الحرارة في ديارنا بعد شهر أو أقل إلى 70 درجة مئوية (أي ثلاثة أرباع درجة الغليان!) وستكون هذه السبعون المئوية مصحوبة بعواصف غبارية كبيرة، باختصار مع مطلع أغسطس سيتحول رأس كل واحد منا إلى أبريق شاي (والحلا برا) أما عيناه فسوف تحتضنان بكل أخوة حبيبات الغبار!. أضف إلى كل ذلك أن هذا المناخ الحارق يصادف دخول شهر رمضان المبارك، ما يعني أن مئات الآلاف من العاملين في القطاعين العام والخاص سوف يتعرضون للطبخ على الهواء مباشرة ما لم توفر لهم مقرات العمل الأكشاك والمظلات المكيفة، فإذا كان بالإمكان إيجاد حلول لأوقات عمال البناء والإنشاءات من خلال تغيير ساعات العمل فإن هذه الحلول غير ممكنة بالنسبة لعمل رجال الأمن والحراسات والكثير من الموظفين الحكوميين التي تستلزم طبيعة عملهم التواجد في أماكن خارج مقر العمل، لذلك فإن من واجب جميع الوزارات والشركات وأرباب العمل على اختلافهم أن يدركوا بأن العاملين لديهم سوف يتعرضون للتفحم ما لم يتم صيانة أجهزة التكييف المعطلة أو تجهيز المظلات المناسبة. ومن المهم أن يركز جميع الشعراء في هذه الفترة الحرجة على كتابة قصائد تمدح شركة الكهرباء وتمجد كل مديريها كي لا تعود الشركة إلى عادتها السنوية غير المحمودة بالقطع شبه المبرمج فتتحول البيوت إلى أفران حجرية وتتبخر الأعصاب بسبب صرخات الغضب المصاحبة للحظة انقطاع الكهرباء، كل الأعذار التي تسوقها شركة الكهرباء حين تقطع الكهرباء على الناس في عز الصيف محفوظة عن ظهر قلب وتستطيع الصحف أن تختصر الطريق على الشركة بأن تنشر أعذار الأعوام الماضية كي تتفرغ الشركة لشيء آخر غير الأعذار وهو إعداد خطة طوارئ تتناسب مع وضع السبعين درجة مئوية!. وبالطبع سيكون الفقراء ضحايا هذه الحرقة المناخية المصحوبة بالأتربة، سيواجهون مشقة عظيمة خلال الشهر الفضيل، ولا أظن أن مشكلتهم مع الحرارة المرتفعة تقل خطورة عن مشكلتهم حين داهمت البلاد موجات من البرد القارس، لذلك فإن على الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية التي تتضخم حساباتها خلال شهر الخير والإحسان أن تبدي اهتماما أكبر بالفقراء خلال هذه الفترة، وأن تصرف لهم المعونات المالية والعينية التي تعينهم على الحياة القاسية في هذا الصيف اللاهب. أما على الصعيد الثقافي فليس ثمة فعالية ثقافية نحتاجها في هذه الأجواء البديعة أفضل من مهرجان ثقافي كبير للاحتفاء بذكرى ويلس كارير المهندس الأمريكي الذي اخترع جهاز التكييف قبل أكثر من مائة عام، كان كارير في الخامسة والعشرين من عمره حين صمم جهازا لضبط الحرارة والرطوبة لإحدى شركات الطباعة التي كانت تعاني من تداخل الألوان بسبب الحرارة، ثم طور جهازه ليبدأ انتشار أجهزة التكييف والتبريد بمختلف أنواعها، وقد ساهم انتشار التكييف السكني في عام 1920 في هجرة الكثير من الأمريكيين إلى الولايات الحارة، فهل لدى أحدكم شك بأن كارير يستحق التكريم؟.. نسمع الإجابة بعد ال 70 درجة مئوية!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة