من المؤكد أن غياب الطلبة والطالبات عن مدارسهم في شهر رمضان المبارك لم يكن بسبب مشقة الصيام فلا أحد يشكو من العطش في هذه الأجواء الجميلة ولا تجد من يعاني من الجوع بل الشكوى كلها من السهر وقلة النوم. وهنا نقف عند أصل المشكلة وهو السهر وقد لا يكون اللوم كله على الطالب، فمشكلة السهر في رمضان أصبحت عادة مجتمعية يصعب تغيرها وسط الأجواء الرمضانية الجميلة التي تساعد على السهر، فالبرامج التليفزيونية والمسابقات الرياضية الرمضانية التي تنظمها البلديات ودواري الأحياء كلها تمتد إلى بعد منتصف الليل، وكذلك البسطات الرمضانية المتنوعة المنتشرة في الشوارع والأحياء السكنية تسهم بدورها في نقل الحياة المعيشية من نهار رمضان إلى الليل. وما أن تسكن وتهدأ الحركة حتى وقد اقترب موعد السحور وصلاة الفجر فلا نوم في الغالب إلا بعد صلاة الفجر، ومن كان هذا جدوله يصعب عليه أن يستيقظ للدراسة في التاسعة صباحًا، وإذا حضر الطالب لا يجد جو دراسي محفز وهو يرى مقاعد زملائه شبه خالية حتى المعلم يكون في حيرة من أمره، وتردد هل يشرح الدرس أو ينتظر حضور الطلاب، ومن هذا الباب نستنتج أن الحياة في رمضان انتقلت إلى الليل وأصبح الكثير يسهر، وهذه المشكلة عامة يعاني منها الكثير ليس الطلبة وحدهم بل حتى معلموهم والحال مع الموظفين في القطاع العام والخاص. وأنا ضد من يطالب بإغلاق المدارس في رمضان لكي لا يتعود النشء على ذلك فهم مستقبلنا، والحياة عامة لا تتعطل ولا تتوقف في رمضان، فيما لو قرر ذلك تعود أبناؤنا وبناتنا عليها ويصعب عليهم التقيد والالتزام بالعمل في رمضان في حياتهم القادمة بعد التخرج من الثانوية. كما أن تطبيق نظام الخصم من درجات السلوك ليس حل مجدي وكل من يطالب المعلمين بشرح الدرس حتى لو كان الفصل شبه خالى أو يطالب بفرض اختبارات تجبرهم على الحضور ليس علاجًا وحلًا للمشكلة ولكن مع وجود حل لهذه المشكلة يساعد الطلبة وأهاليهم ومعلميهم على تسيير عجلة الدراسة في رمضان بالشكل المطلوب. من الحلول التي تستحق الدراسة والتطبيق في السنوات المقبلة تغير الدوام من الساعة التاسعة إلى الحادية عشر صباحًا وينتهي الدوام قبل العصر، فالطالب بذلك قد أخذ كفايته من النوم وضمن أداء صلاة الظهر والعصر في وقتها وحضر إلى مدرسته بنشاط وقدرة على استيعاب الدروس، فهذا الوقت الأمثل للدوام وحل جذري لمشكلة السهر وغياب الطلاب. عمومًا.. السهر من العادات السيئة في رمضان وغير رمضان فهو داء العلم والعمل ويؤثر في صحة الإنسان ومزاجه وتركيزه، وطلب العلم يحتاج إلى نشاط وعقل صافي، فلا يجتمع علم بالنهار وسهر بالليل.