القضاء والقدر بيد الله سبحانه وتعالى، القائل في محكم التنزيل: (ومن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)، وإيمانا بقدر الله تعالى، أرفع أحر التعازي بوفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله) لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله) ولأصحاب السمو الملكي إخوان الفقيد وأبنائه، وللأسرة المالكة الكريمة. لقد كان فقيد الوطن شخصية قيادية فذة، هو معروف ببعد النظر والحكمة والحنكة السياسية والإدارية، مما مكنه من الإسهام في خدمة دينه ووطنه وشعبه وأمته، وحمايتهم من آفة الإرهاب وأهله، الذين اعتدوا على أمن الوطن وأمن أهله والمقيمين فيه، فكان العين الساهرة على ترسيخ الأمن والطمأنينة في ربوع المملكة. لقد خدم (رحمه الله) الإسلام من موقعه، ورعى كثيرا من المناشط والأعمال في خدمة الدعوة وخدمة السنة النبوية، وخدمة التراث الإسلامي، وأنشأ العديد من الكراسي العلمية بدعم من سموه الكريم، ومنها كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود للدراسات الإسلامية واللغة العربية في جامعة موسكو في جمهورية روسيا الاتحادية، وكرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود للأمن الفكري في جامعة الملك سعود في الرياض. ولقد أولى الأمير نايف (رحمه الله) السنة النبوية والدراسات الخاصة بها عناية كبيرة، فأنشأ مسابقة خاصة بها، وخصص لها الجوائز والمكافآت القيمة، وفتح الباب واسعا أمام الأجيال لحفظ حديث رسول الله (عليه الصلاة السلام)، وفهمه، وفق الأصول العلمية، ومنح حفاظ الحديث النبوي المكافآت، حرصا منه على ربط الأجيال الشابة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ أسوتهم من حياته صلوات الله وسلامه عليه. وخدم (رحمه الله) شعيرة الحج خدمة متميزة ومتكاملة، أعواما مديدة، وذلك من خلال رئاسته للجنة الحج العليا، فكان يسهر على شؤون الحجيج ويتابع تقديم الخدمات الشاملة لهم، وكان حريصا على تفقدهم، يتجول ويزور مواقع المشاعر قبل الحج وفي أثنائه، للاطمئنان على أوضاع الحجيج وسلامة الحج ونجاحه. وخدم الإعلام في المملكة خدمة متميزة، من خلال ترؤسه للمجلس الأعلى للإعلام، الذي درس السياسة العليا للإعلام في المملكة، ووضع الأسس الصحيحة لإعلام متقيد بالإسلام في دولة قامت على الإسلام وطبقته. وخدم الشؤون الإسلامية من خلال ترؤسه للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وما قدم من خلاله من خدمات للإسلام والمسلمين في مختلف أنحاء العالم، وغير ذلك من المجالس واللجان التي ترأسها، وكان له الأثر الكبير فيما قامت به من جهود. وعرف الأمير نايف (رحمه الله) بحبه للعمل الخيري، ومتابعة أوضاع المحتاجين داخل المملكة وخارجها، وقد أهله لتولي العديد من الملفات الخاصة في هذا الشأن، والإشراف على هبات المملكة وعطائها للشعوب الإسلامية والإنسانية وإغاثة منكوبيها، وفي مقدمة هذه الشعوب شعب فلسطين المنكوب، فقد عرف (رحمه الله) بدعم قضيتها ومساعدة أهلها، وإدارة الحملات الخاصة بإغاثتهم، حيث كان رئيسا للجنة السعودية لدعم انتفاضة المسجد الاقصى التي أنشئت عام 2000م. لقد وهب الأمير نايف حياته لخدمة وطنه، وخدمة دينه، وخدمة أمته، وخدمة الإنسانية، مما جعله ينال أرفع الأوسمة والشهادات، ومن أهمها وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، وجائزة التميز للأعمال الإنسانية لعام 2009م من الكونغرس الطبي في بوادبست، تقديرا للدور الإنساني الذي كان (رحمه الله) يقوم به في الإشراف على اللجان والحملات الإغاثية والإنسانية في الدول المتضررة، وكان أول شخصية عربية إسلامية تنال هذه الجائزة. رحم الله الأمير نايف رحمة واسعة وجعل ثواب أعماله في موازينه، وليس لنا في هذا المقام إلا الدعاء للفقيد الغالي بالرحمة والغفران والفردوس الأعلى . * الأمين المساعد لرابطة العالم الإسلامي