طرح البيان الختامي لهيئة الحوار اللبناني المنعقد في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان تحديين بارزين أحدهما يتمثل في غياب رأسين لأهم مكونين فيهما بفعل الدوافع الأمنية وإن اختلفت جهاتها الظنية، وتحديا آخر يتمثل في الضبابية وحال التعميم في صيغ البيانات الختامية فيما سمي «بوثيقة مبادىء بعبدا» وهي أشبه بإعلان النوايا «الملغمة» بالعديد من العقد والمفردات القابلة للتأويلات المتعددة والمختلفة مع ما يثير ذلك من عناوين خلاف مستقبلية متوقعة تؤدي إلى إعادة إنتاج التشنج السياسي الذي يعاني منه لبنان.لكن يبقى السؤال الكبير لماذا تعالى بالأمس حزب الله واستكبر عن الدخول في حوار لبناني وهو يلهث الآن لبلوغه؟! ويكاد يكون الطرف الأكثر تفكيكا لألغامه المزروعة؟ وما هي المتغيرات الإقليمية والدولية التي دفعت بحزب الله لقبول دخول الحوار تحت سقف ثوابت ورقة 14 آذار التي أبلغها الرئيس فؤاد السنيورة للرئيس ميشال سليمان.إن قراءة للمشهد السياسي اللبناني والإقليمي وإطلالة بصيرة على الدولي منها تقود إلى أن حزب الله يريد من الحوار أن يكون طوق نجاة لحكومته ذات المنافع السورية الضرورية وهو سيسعى أن يخدع اللبنانين عبر التضحية بورقة فارغة فاقدة القيمة المتمثلة بتسليم تلال قاعدة الناعمة من أحمد جبريل للجيش اللبناني، وتنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات خاصة بعدما فقدت سورية هذه الورقة عبر الخروج الذكي لحماس من عباءة دمشق، وابتعاد فتح التاريخي عن المدار السوري؛ ما يجعل الورقة الفلسطينية على المستوى الاستراتيجي عامل خطر كبير على قوة حزب الله التي صارت تحسب حساب لبنان ما بعد انهيار نظام بشار الأسد. وعليه فإن حوار لبنان سيبدأ عموميا وسينتهي على أسوار مخيمات لبنان الفلسطينية دون الدخول في تفاصيل سلاح حزب الله موضوعه الأساسي ما يرشح ذلك الحوار للانتهاء قبل البداية، مع ما يجره ذلك من مخاطر هذه المرة تطال بقاء الكيان برمته في زمن بات فيه القول إن وحدة الكيانات ضرب من الأحلام.