تردد الدول الغربية في كل مرة أنه في حال سقوط النظام السوري، فما هو البديل وما هي آلية الانتقال إلى المرحلة الديمقراطية الجديدة، في ظل التخوف من العنف الطائفي، وتلويح نظام الأسد بالحرب الأهلية والتقسيم. وفي كل مرة يأتي الجواب من المجلس الوطني السوري أكبر الكتل السياسية المعارضة أن هناك خطة سياسية متكاملة لإدارة المرحلة الانتقالية، إلا أن هناك بعض التحديات التي تعترض المرحلة الانتقالية لما بعد الأسد. تحديات المرحلة الانتقالية في سورية من المفيد التفكير مبكرا في التحديات التي ستعترض سورية المستقبل بعد سقوط النظام خلال المرحلة الانتقالية، فأهم ما تخسره الدولة كدولة وليس كسلطة هو فقدان الشعب للثقة في المؤسسات التي يفترض أن تستمد شرعيتها منه. ولذلك فإن الجهاز الأمني وأجهزة الشرطة تكون أول ضحايا عملية التحول لأنها غالبا ما تجسد الوجه القبيح للنظام الدكتاتوري، لذا فإنها تكون الهدف الأسهل للجماهير بعد مرحلة التحول. يأتي بعد ذلك بالطبع (البرلمان)السلطة التشريعية والإعلام الذي غالبا ما يكون مجرد دعاية للنظام الحاكم، والحزب الذي يكون الواجهة السياسية للحكم . إن المجلس الوطني السوري سيلعب دورا محوريا في عملية التحول وقيادتها عبر الدخول في مفاوضات مع المدنيين الممثلين لقيادات المعارضة الأخرى، أو أية شخصيات أخرى تحظى باحترام السوريين من أجل تشكيل حكومة انتقالية، وبالتالي وعبر الدخول في هذه المفاوضات التي يجب أن تفضي بدورها إلى جدول زمني لإنجاز عملية التحول الديمقراطي تقوم أولا على كتابة دستور مؤقت جديد للبلاد يجري التصديق عليه عبر استفتاء وطني تشرف عليه حكومة انتقالية مؤقتة وظيفتها ضمان إنجاز خطوات التحول المذكور الذي يبدأ بالتصديق على الدستور المؤقت الموضوع من قبل خبراء دستوريين وقانونيين وإصلاحيين سياسيين .وبعد ذلك تقوم الحكومة الا نتقالية بوضع قانون جديد للانتخاب والأحزاب السياسية والذي من المفترض أن يحكم عملية انتخاب رئيس الدولة، وانتخاب البرلمان، وتشرف على الانتخابات لجنة وطنية مستقلة عبر إشراف قضائي ومراقبين محليين ودوليين، ويفتح الباب أمام تشكيل الأحزاب السياسية التي ستشارك بفعالية في الانتخابات المقبلة. فالمسألة الأكثر أهمية في المرحلة الانتقالية، هي تفكيك النظام الشمولي التي يجب أن تتم عبر استعادة الثقة في مؤسسات الدولة: فلا بد من الإشارة في البداية إلى ما يعرفه السوريون جميعا إلى أن الأجهزة الأمنية، وأجهزة المخابرات تعتبر صاحبة السلطة الحقيقية في سورية بما تمليه من أحكام على السلطة القضائية، وبما تمارسه من اعتقالات بلا مذكرات قضائية، وبما اعتادته من التدخل في كل النواحي الحياتية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية للسوريين بدءا من تغيير الجامعة إلى نقل كفالة أو وكالة، كل ذلك وغيره يحتاج إلى موافقة أمنية مسبقة وهو ما شل قدرة السوريين على الابتكار والمبادرة نتيجة تقييدهم بهذا النظام الأمني القائم على زرع الخوف وتعزيزه عبر الاعتقال والتعذيب بأشكاله المختلفة، ومنع السفر. لقد توسع حجم الأجهزة الأمنية المنبثقة عن إدارة المخابرات الأربع الأساسية وهي المخابرات العسكرية، والأمن السياسي، والمخابرات الجوية، والمخابرات العامة أو أمن الدولة مع نهاية السبعينيات، وأنيط بها مهام حفظ الاستقرار للنظام القائم بشتى الوسائل والطرق، ولذلك ربما يشعر مسؤولو هذه القيادات بأنهم المتضرر الأكبر من عملية التغيير، أو التحول عبر فقدانهم لصلاحياتهم المادية والمعنوية ولذلك فمن المؤكد أنهم سيكونون العقبة الكبرى أمام التحول. لابد من إصلاح هذه الأجهزة عبر ما يسمى بعملية التطهير، وإعادة البناء، إذ لا يجب تفكيكها وحلها على الفور لئلا تصبح مصدرا دائما للفوضى. وإنما لابد من إعادة بنائها مع تغيير وظائفها عبر التركيز على أن وظيفتها هي أمن الشعب، وليس أمن النظام.