حقا من يتأمل تاريخ جدة يجدها موسوعة ليست بحاجة إلى موسوعة. ليس القول مطلقا هنا على عواهنه، فلذلك مبرراته: فالموسوعات ومنها مثلا المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الذي رتبه ونظمه لفيف من المستشرقين ونشره الدكتور ونسنك أستاذ الحديث بجامعة لندن، حيث ذكر أن «جدة» بكسر الجيم وفتح الدال تعني الحلف بكسر الحاء وسكون اللام في الجاهلية الذي زاده «الإسلام شدة وجدة» (ج 1، ص 335). هذا إذا استبعدنا فتح الجيم وضمها. كما أن ثمة ملاحظة من معنى الجدة نفسه، وهو أنه في كل عقد تقريبا تبرز في مساحات جدة الواسعة جماليات في الفن المعماري الحديث وغيره الذي يعانق التراث في أصالة تثبت عراقة الماضي وأصالته فيبدو مستشرفا المستقبل، كما أن يد التخطيط على مدى خطط التنمية الخمسية التي بدأت منذ السبعينات الهجرية نقلت جدة نقلة حضارية نوعية ومادية معا، فهي الميناء التجاري الرئيسي للمملكة العربية السعودية، تفد إليها السفن التجارية من كل حدب وصوب، ناهيك عن رحلات موسم الحج كل عام، مما جعلها مضرب مثل للتأثير والتأثر، بمعنى أنها تتأثر وتؤثر بما يفد إليها وتؤثر به، شأنها في ذلك شأن أي ميناء تجاري عالمي آخر. إن السلع والخدمات التجارية والاقتصادية والثقافية والسياحية الصادرة إلى جدة بأنواعها المختلفة بلغت شأوا كبيرا، فعلى سبيل المثل، تشير مجلة تجارة جدة في عدد أبريل 2012م إلى السيارات الألمانية والأمريكية واليابانية ... إلخ، والساعات والمجوهرات، وكذلك العدد الصادر في سبتمبر 2011م يشير إلى الاهتمام بالكوادر البشرية، والتعاون مع القطاع الخاص في ثقافة العمل الحر وتنمية الحس التجاري، والتنويه بالمطعم المعلق الجديد في إطار تنويع المنتج السياحي. وبهذا يترسخ مفهوم الجدة لاسم جدة على مر الأيام والسنين. وثمة سياحة علاجية داعمة للاقتصاد بجدة، نوهت بها مجلة «همس البحر» في عددها الصادر في فبراير 2011م، بمقال للدكتور عبدالعزيز عابدين استعرض فيه كيفية اعتماد الدول اليوم كليا على مصادر دخل مختلفة، منها السياحة العلاجية التي أصبح دخلها يضاهي دخل البترول أو مثله عند بعض هذه الدول. وتعتمد السياحة العلاجية على توفير المصحات المتخصصة أو المراكز الطبية أو المستشفيات الحديثة المتوفر فيها تجهيزات طبية وكوادر بشرية ذات كفاءة عالية منتشرة في أنحاء العالم. والمملكة منذ تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان أمينا عاما للهيئة العامة للسياحة والآثار خطت وتخطو خطوات كبيرة لتكون من أكبر الدول «في استقطاب السياحة من جميع أنحاء العالم» لأنه سبحانه وتعالى حباها بمهبط الوحي فهي تضم الحرمين الشريفين بمكة المكرمةوالمدينةالمنورة، وتنعم بالأمن في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله فتسويق الخدمات الطبية العلاجية يتسق مع روحانية المكان والزمان معا، إذ يقضي المرضى فترة النقاهة بزيارة المسجد في المدينةالمنورة وأداء العمرة، وبذلك تنتعش الخدمات الفندقية في المدينتين المقدستين. ويأتي دور المقارنة بين المراكز الطبية المتخصصة والخدمات الطبية العلاجية المقدمة للمواطنين والمقيمين والزائرين لتوفر الإمكانات الهائلة جدا في كافة المدن الرئيسة للعاصمة الرياضوجدة وغيرهما. وتعتبر الأسعار مناسبة جدا ولذلك لابد من تضافر الجهود والتعاون بين الجهات المعنية كالمستشفيات والهيئة العامة للسياحة والآثار وشركات السفر والسياحة ووسائل الإعلام بقنواتها المرئية والمكتوبة والمسموعة. أما دور الهيئة العامة للسياحة والآثار فهو كبير بالنسبة للتنسيق بينها وبين وزارة الداخلية ووزارة الخارجية.. وجدير بالذكر أن المملكة تعتبر رائدة عالميا في فصل التوائم وتتميز جميع مستشفياتها بإمكانات هائلة لإجراء عمليات الفصل، قال تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث).