بين لوحته وألوانه وريشته يقضي الفنان التشكيلي أغلب وقته وبكل إحساس تمسك أنامله بالريشة ليبدأ اللعب بالألوان على جسد تلك اللوحة البيضاء، حتى تبدأ ملامحها التي رسمها بخياله بالظهور، وبعد أن ينتهي يحملها بكل عشق مع غيرها من الأعمال ليراها الجميع، وعندما يرونها لا يتمالكون مشاعرهم للاقتراب منها وإبداء رغبتهم في إقتنائها، وهنا يختلف الفنانون فهناك من يفرح لأن أحدهم أعجب بالفكر الذي تحويه اللوحة فيبيعه إياها بكل فرح، وهناك من يتعلق بشدة بلوحته ويرفض بيعها تماما، معللا ذلك بأنها لديه أشبه بروحه فهل يمكن للفنان أن يبيع روحه. الفنانة التشكيلية والكاتبة هدى العمر تقول «إنه لشعور جميل أن أجد عملي بالصدفة على جدار أحد المقتنين، ربما يعتقد البعض أن الفنان الذى ينتج لوحات فنية هو إنسان مرفه ولديه وقت فراغ يقضيه فى تلوين أو رسم لوحات وهذا غير صحيح بل اللوحة الفنية ممكن أن تصل قيمتها إلى أسعار تنافس أكبر ماسة فى العالم وهذه اللوحة تتضمن جهدا لا يستهان به فكريا وأدائيا فكيف للفنان المحترف أن يغطي تكاليف أدواته وإخراج أعماله بالمستوى الذى يطمح له بالإضافة إلى جل وقته الذى يقضيه فى إنتاج لوحاته بدون أن يكون هناك مردود مادي». وعن تقدير القيمة المادية للعمل الفنى تقول العمر «يتدخل بها عوامل كثيرة على رأسها خبرة الفنان وسيرته الفنية التى هي بالمرحلة الأولى تعد التقييم الأول لتاريخ ممارساته، فهناك فرق فى نتاج عمل فنان مخضرم وله مشاركات محلية وعالمية ومقتنيات وجوائز وآخر مبتدئ، وأيضا النواحي الاقتصادية والبيئية ومقارنتها مع الأسواق العالمية للفنون، فعندما تباع لوحة بالريال السعودي محليا قد يختلف سعرها عندما تنافس الأسعار الدولية وتعرض للبيع باليورو». من جهته يرى الفنان التشكيلي إبراهيم الألمعي أن الرغبة بالشهرة هي من تدفع الفنان لبيع أعماله، كما أن البعض يبيع أعماله رغبة في تعويض الخسائر التي يخسرها على اللوحة لتعود له بالفائدة المالية. والبعض لا يبيع لوحاته لأنها تعني له شيئا كبيرا وترتبط بذكرى معينة لديه كما أن هناك لوحات لا يتردد الفنان في بيعها. ويضيف «عندما يريد الفنان بيع إحدى أعماله فهي غالية كثيرا لديه ولها تأثير كبير بنفسه ويعتبرها أغلى ما يملك، وعن تقدير أسعارها فذلك يأتي على حسب عمله وقيمته الفنية». الفنان التشكيلي محمد شراحيلي يرى أن ما يدفع الفنان لبيع أعماله ما يسمى باقتناء أعماله هو الانتشار واسم الفنان، وهذا يدفع بالفنان للبحث عن أفكار وطرق جديدة في طرحه لأعمال فنية أخرى، كما أن الفنان الذي يحافظ على اسمه لا يمكن أن يبيع عملا غير مكتمل أبدا ويسعى دائما إلى بيع الأعمال المكتملة، فالفنان الصادق يصدق مع نفسه قبل أن يصدق مع الآخرين، وهنا يضع اسمه بقوة لتقتنى أعماله وهناك فنان الأعمال التجارية لا يهمه أن اكتمل العمل أو لم يكتمل بل المهم لديه المكسب المالي فقط على حساب سمعة الفن. ويكمل شراحيلي «بيع الفنان لأعماله إيجابي جدا ولكن على الفنان أن يبحث بنفسه عن الصالات التي تقوم بالإعلان الجيد للفنان، كما أن للإعلام دورا في نشر الفنان أكثر وأيضا الجمهور له دور عندما يصل إلى مرحلة الوعي والتفهم بأن الفن جزء جميل في حياتنا، وكذلك دور المسؤولين في الثقافة وعدم الاهتمام بالفن، ناسين أن الفن بنى حضارات شعوب ووثقها أيضا، نرجو من المسؤولين دعم الفنان واقتناء أعماله. الفنانة التشكيلية ومشرفة اللجنة النسائية بجمعية الثقافة والفنون بأبها إيمان القحطاني لها رؤية خاصة بالموضوع، حيث تقول «أنا عادة لا أفضل بيع أعمالي بتاتا وأرى بأني أفقد شيئا ثمينا لو قمت ببيعها، ورغم أنني قد لا أمانع في يوم من الأيام ببيع عمل لي إلا أن هناك أعمالا من الصعب أن أفكر ببيعها لحبي لها ولفكرتها وللوقت الذي أمضيته في إنتاجها، وأذكر أن لدي عملا وجد إقبالا كبيرا وطلبا متزايدا لشرائه ولكني لم أستطع بيعه وهو عمل (بما فعل المشيب)، الذي ما زلت أفضله على كثير من أعمالي حتى الجديد منها». وترى القحطاني أن من يلجأ لبيع لوحاته لسببين، إما لسبب مادي أو لسبب التعريف بفنه أكثر للجمهور العام المتذوق والانتشار، وبعض الفنانين يفضل أن تقتنى أعماله لذلك يلجأ لبيعها. وعن مشاركات فنانات عسير بالمعارض وبيع لوحاتهن، تقول القحطاني «من منطلق إشرافي على اللجنة النسائية بجمعية الثقافة والفنون بأبها حيث نعتمد في خططنا البرامجية السنوية للجنة على برامج يعود معظم ريعها لصالح الفنانة أو المشاركة أو المتدربة إن كانت مشاركة بدورة أو ورشة، حيث تقوم الجمعية بتوفير كافة المستلزمات والأدوات اللازم توفرها في الدورة أو الورشة، وتتعهد الجمعية دائما بنقل مخرجات هذه الدورات والورش لأماكن وصالات العرض بما يفيد الفنانة والموهوبة لاحقا وعرضها للبيع كما حصل مؤخرا بمعرض القط والنقش العسيري وسابقا بمعرض فنانات عسير الثالث.