أكد وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفله أن على أيران أن تتخلى عن التسلح النووي، مطالبا بتكاتف جهود جميع القوى للتوصل إلى حل سياسي في أزمة البرنامج النووي الأيراني. وشدد في حوار مع «عكاظ» على أهمية الدور السعودي الذي وصفه بالفاعل أقليميا ودوليا. واعتبر أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للانتقال بمجلس التعاون إلى مرحلة الاتحاد الخليجي بأنها خطوة استراتيجية مهمة. فإلى تفاصيل الحوار: • طالبتم فور انتهاء اجتماع 5+1 (القوى الدولية وألمانيا مع إيران) طهران بأن تتخلى عن التسلح النووي، فما هو موقفكم؟ إيران ضمن الدول التي وقعت على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي. وهذا يعني أن تلتزم في برنامجها النووي بالاستخدام السلمي. ونحن من جانبنا أكدنا أنه لا خلاف في أن تقوم بتخصيب اليورانيوم للاستخدام السلمي فقط. أما ما قرأناه في الآونة الأخيرة فيجعلنا في حيرة من طبيعة البرنامج النووي الإيراني ويجعلنا نحث طهران على عدم التمادي في هذا البرنامج لتصل إلى مرحلة تصنيع السلاح النووي. وأنا من المؤيدين للمسار الدبلوماسي وللتوصل إلى حل سياسي مع طهران. وفي الوقت نفسه نطالبها بالتعاون الشفاف مع الوكالة الدولية للطاقة. لأن أي تطلع آخر من جانبها سيقود إلى سباق تسلح نووي في المنطقة. وهو أمر لا بد من تجنبه بكل الطرق. • كيف تقيمون العلاقات الألمانية السعودية؟ نحن حريصون على العلاقات الألمانية السعودية الجيدة بل الممتازة. ويهمنا التواصل مع دولة كبيرة مثل المملكة التي نعتبرها شريكا استراتيجيا هاما لألمانيا وللاتحاد الأوروبي. كما أنني شخصيا أحرص على اللقاءات الثنائية مع الجانب السعودي لتبادل وجهات النظر والتشاور حول المستجدات الدولية، ومنها الملف النووي الإيراني وأمن الخليج والقضايا العربية بوجه عام. وإلى جانب ذلك نقدر دور المملكة الفاعل إقليميا ودوليا ومبادرات الملك عبدالله بن عبدالعزيز. كما أننا حريصون على التعاون في مجال الطفرة الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها المملكة بجانب تعاوننا في المجال الثقافي، فضلا عن اهتمامنا بجهود المملكة من أجل تحقيق السلام والتوصل إلى تسوية سلمية في الملف السوري وقضايا المنطقة. وفي رأيي أن التشاور المستمر يحقق أكبر قدر من التفهم وتبادل وجهات النظر، الأمر الذي يتيح مساحات كبيرة للتعاون البناء والاستراتيجي، وهو الأمر الذي كان واضحا جدا خلال لقاءاتي مع الأمير سعود الفيصل والتي اتسمت بتوافق في وجهات النظر فيما يخص ملف اليمن والحرص الشديد على ألا يكون اليمن ملاذا للجماعات الإرهابية، إضافة إلى تكثيف التعاون في مجموعة أصدقاء اليمن. • ما هو تقييمكم للعلاقات الألمانية الخليجية؟ أؤكد على أهمية العلاقات الألمانية مع مجلس التعاون فهي علاقات تتسم بالثقة المتبادلة والاهتمامات المشتركة، سواء تعلق ذلك بالملف الاقتصادي أو الملفات السياسية المتعلقة بالأمن والاستقرار في الخليج. والحقيقة أن مجلس التعاون يعتبر شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوروبي. وهناك مشاورات ثنائية جارية من أجل توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين، وهي مفاوضات كانت متوقفة على مدى 10 سنوات. ونحن نعتبر أن مبادرة الملك عبدالله للانتقال إلى الاتحاد الخليجي خطوة استراتيجية نحو التكامل بين دول المجلس، وقد سعدت جدا بلقاء الأمين العام للمجلس الدكتور عبداللطيف الزياني في برلين، حيث تشاورنا حول العلاقات بين المجلس وألمانيا وتناولنا قضايا الساعة وتطورات المنطقة العربية بجانب عملية السلام في الشرق الأوسط، فضلا عن الملفات الاقتصادية. • كيف تنظرون إلى ملف أزمة اليمن؟ لن نسمح بأن تمتد يد الإرهاب إلى اليمنيين. وما زلنا نراهن على المبادرة الخليجية وعلى المسار السلمي لمرحلة الانتقال في اليمن. وفي الحقيقة هناك تيارات تسعى عن طريق استخدام العنف والإرهاب إلى عرقلة مشوار اليمن وكافة الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي بين جميع الأطراف اليمنية وتحقيق المصالحة بينها. ولذلك نسعى إلى تكاتف الجميع، وبالأخص دول الجوار ومجلس التعاون، للوقوف أمام هذه الجماعات الإرهابية التي لا تعمل إلا لإشعال المنطقة. ونحن نؤيد الخطوات المطروحة في المبادرة الخليجية التي مكنت من تحقيق المرحلة الانتقالية في نوفمبر عام 2011. ونقدر الدور الفعال الذي تقوم به المملكة إلى أن تجرى الانتخابات التشريعية الحرة في ربيع عام 2014. وقد قمت في مارس الماضي وبعد انتخاب الرئيس هادي رئيسا للمرحلة الانتقالية بزيارة لليمن. وتعرفت على الأوضاع على الأرض. وأتيحت لي الفرصة لإجراء مشاورات متعددة في البلاد، وأكدت خلال الزيارة على دعمنا التام للتحول الديمقراطي في اليمن. • كيف تقرأون المشهد المصري في ضوء الانتخابات الرئاسية؟ نحن نرحب بإجراء انتخابات الرئاسة المصرية في أجواء تتسم بالسلم والمشاركة الكبيرة لاختيار رئيس منتخب لمصر. وقد توجه ملايين من الناخبين إلى صناديق الاقتراع للتأكيد على المسار الديمقراطي في البلاد. ونتوقع أن يتم تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها بعد إجراء انتخابات الإعادة في حالة توجب ذلك، وهي الخريطة التي تنص على أن يقوم المجلس العسكري بتسليم السلطة في موعد أقصاه 30 يونيو المقبل للرئيس المنتخب. والحقيقة أن مصر تواجه تحديات اقتصادية كبيرة ونحن على استعداد للتعاون مع شركائنا في مصر في هذا الملف. وقد خصصنا 100 مليون يورو لمشروعات ملحة وعاجلة انطلاقا من أن التحول الديمقراطي لا يكفي. ولا بد أن يتواكب مع التطور الاقتصادي ومكافحة الفقر والبطالة. ويهمنا أن تستقر الأوضاع في مصر بعد الانتخابات، حيث إن استقرار دولة ضفاف النيل ستكون له عواقب إيجابية على المنطقة بأكملها. • وماهي مرئياتكم حيال الأوضاع في سورية؟ لقد صادق مجلس الوزراء الألماني على قرار مشاركة ألمانيا ضمن مجموعة المراقبين الدوليين في سورية. وإذا دل ذلك على شيء فإنما يدل على قناعة منا بدعم تنفيذ البنود ال6 لمبادرة كوفي عنان. فنحن نريد أن نساعد حتى ينتهي العنف في سورية، الأمر الذي يجنب المنطقة اندلاع صراع غير معروفة عواقبه. كما أحب أن أشير هنا إلى أن المراقبين الألمان غير مسلحين، الأمر الذي لا يتطلب تصديق البرلمان الألماني، والمجموعة ستتكون من 10 أشخاص من القوات الألمانية، وعلى رأسهم ضابط أركان حرب. كما أننا أعلنا عن استعدادنا لدعم مجموعة المراقبين الدوليين لوجيستيا. وألمانيا تقوم فعلا بإمداد المراقبين من خلال جسر جوي لنقل السيارات المطلوبة والمعدات المهمة وقطع الغيار من ألمانيا إلى إيطاليا ثم إلى سورية. وهو برنامج تم دعمه من قبل الحكومة الألمانية ب400 ألف دولار أمريكي. ونحن نتطلع إلى أن يتم التفاعل مع بنود خطة عنان حتى يمكن البدء في حوار سياسي بين جميع الأطراف، الأمر الذي يجنب البلاد حربا أهلية ويوقف نزيف الدماء، غير أن ما تم نشره عبر اللجنة المستقلة المنبثقة عن الأممالمتحدة حول سورية يقلقنا كثيرا، حيث إن هناك اتهامات موجهة للنظام وللثوار بارتكاب جرائم جسيمة. • كانت قضية أفغانستان ضمن الملفات الحيوية في قمة حلف الناتو في شيكاغو، فما موقفكم حيالها؟ أعتقد أن أهم ما جاء في البيان الختامي لقمة الناتو هو التأكيد على عملية الانسحاب من أفغانستان في الموعد المحدد سابقا والمتفق عليه مع الجانب الأفغاني وتسليم الملف الأمني للأفغان، إلى جانب التأكيد على الشراكة مع أفغانستان بعد مرحلة الانسحاب. الأمر الثاني المهم في رأيي هو اتفاق جميع الأعضاء في الحلف على تفعيل عمل منظومة الصواريخ الدفاعية ليبدأ العمل بها في عام 2020. وهذه المنظومة غير موجهة ضد روسيا، انطلاقا من أن تحقيق الأمن في أوروبا لا يمكن أن يتم ضد روسيا وإنما مع روسيا وبالشراكة معها. وهذا أمر مهم جدا ولا بد أن يكون واضحا. ولذلك فإن الباب سيبقى مفتوحا أمام موسكو. ومن أبرز اللقاءات التي تمت خلال قمة الحلف هو اجتماع للتشاور مع 13 شريكا محوريا يمثلون مجلس التعاون الخليجي وأوروبا وآسيا، حيث تناولنا مستقبل التعاون في المجال الاستراتيجي والدفاعي والتعاون مع دول غير عضوة في الحلف الأطلسي.