لم تمنع الإعاقة طموح الأخوين وليد وزيد المعاقين حركيا (في العقد الثاني من العمر) عن مواصلة الدراسة، بعد أن انطلقا في التعلم من بوابة المدارس الليلية، على الرغم من العجز التام في حركة القدمين وصعوبة تحريك اليدين، والارتباط بالكرسي المتحرك. إلا أنهما ناضلا من أجل النجاح بما يملكانه من قوة في إرادتهما إلى أن وصلا إلى انتظار شهادة الثانوية، مؤكدين عزمهما على مواصلة مشوارهما التعليمي وتحقيق شهادات جامعية عليا. يقول وليد الذي خلق كأخيه معاقا، إنه يتابع دراسته من أجل العلم، ويضيف: كنا نرغب بأن لا تقف الإعاقة حاجزا بيننا وبين التعليم، فبعد أن أنهينا المرحلة الابتدائية التي كانت بمثابة التجربة وجدنا الدعم والتشجيع لمواصلة الدراسة من معلمي ومدير مدرسة الخبر الثانوية الليلية التي ندرس حاليا بها. مشيرا إلى أن موقفهما كان إيجابيا وذا أثر كبير عليه وعلى أخيه، لافتين إلى أنهما يحظيان بتقدير واحترام من الجميع داخل المدرسة كما هو الحال خارجها. أما زيد فيشير إلى أن الإنسان عندما يكون لديه طموح وهدف يسعى لتحقيقه لابد أن يصل إليه، مبينا أنه أكمل دراسته متأخرا لكون إعاقته حركية. وعلى الرغم من أن زيد ووليد يدركان أنه لا حل لمشكلتهما الخلقية إلا أنهما تحديا الإعاقة، ولم تمنعهما من مواصلة التعليم ضاربين أروع الأمثلة على العزيمة والإصرار والطموح للنجاح، والنظرة المشرقة للحياة. أحمد العطاس طالب آخر في المدرسة ذاتها من ذوي الاحتياجات الخاصة، قال بأن تشجيع والديه كان العامل الأساسي لنجاحه الدراسي، فقد ساعداه على المذاكرة والحصول على أعلى الدرجات، مضيفا بأن دعم والديه جعله يطمح لمواصلة دراسته في المستقبل والحصول على شهادات عليا. من جهته قال مدير مدرسة الخبر الثانوية الليلية علي العمري، بأن الأخوين زيد ووليد يتميزان بأخلاق عالية ويحضيان باحترام كبير من الجميع، إضافة إلى جدهما واجتهادهما ومواظبتهما على الحضور الدائم. وأشار العمري إلى أن المدرسة بها عدد من الطلاب المعاقين حركيا والمعلمون في المدرسة لديهم القدرة الكافية في التعامل مع الطلاب، مضيفا بأن من لديه إعاقة حركية أو غيرها من حقه مواصلة دراسته ومشاركة زملائه الأصحاء في التعليم، مبينا أن من أهداف وزارة التربية والتعليم دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بزملائهم الأصحاء ليكونوا عنصر بناء في المجتمع، مبينا بأن البيئة الاندماجية تعمل على زيادة التقبل الاجتماعي المعوقين من قبل أقرانهم العاديين، وإتاحة فرصة التفاعل الاجتماعي معهم، وتمكن المعاقين من محاكاة سلوك الأشخاص العاديين منذ الصغر وتقليدهم، وزيادة التواصل بينهم. المعلم سلمان الشثري قال بأن طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة فرضوا أنفسهم كعناصر فاعلين في المجتمع وتفوقوا على كثير من الأصحاء، مطالبا الأسر التي لديهم أبناء معاقين بأن يوفروا المناخ المناسب الذي من خلاله يستطيع ذو الإعاقة أن يبني شخصيته وترتفع معنوياته ويعزز من ثقته. وأكد الشثري، بأن الإعاقة أيا كانت لم تعد عائقا يمنع ذوي الإرادة من تحقيق أهدافهم وإثارة إعجاب المجتمع بإنجازاتهم، مؤكدا أن طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة استطاعوا أن يحققوا القدرة على الإنجاز وأصبحوا محل فخر لنا جميعا ولدينا نماذج كثيرة على مستوى المنطقة الشرقية والمملكة بشكل عام.