المؤكد أن المواطن شريك مؤسساته في إبراز الصورة الحقيقية الراقية والمعبرة عن مخزون وطنه ومواطنيه الثقافي والحضاري. ولهذا يجب أن يدرك المواطن هذه المسؤولية وأن يكون هو أبرز الصور بأخلاقه ومظهره وأسلوب تعامله. ولتوظيف هذه المفاهيم والرقي بها علينا أن نولي المصادر الناقلة لها أهمية بالغة وأن نجعل منها مراكز حضارية ومن العاملين فيها مواطنين مدركين أنهم عنوان وطنهم ومواطنيهم. وتأتي المطارات كأهم المصادر الناقلة لهذه المفاهيم من خلال العاملين فيها، إلا أنني وبصدق وجدت أثناء زياراتي إلى الرياض عبر مطاره الدولي رائع التشييد فقدان هذه المفاهيم في أحد مرافقه. وهذه ظاهرة لم تكن موجودة من قبل. فقد كان القادم إلى الرياض عبر مطار الملك خالد الدولي والمتجه إلى مواقف السيارات لاستئجار سيارة لإيصاله إلى وجهته يجد سيارات الليموزين التابعة للشركات تقف بشكل منظم مظهرها الخارجي والداخلي يؤكد العناية بها. وخلف مقودها سائق بمظهر لائق وموحد مهمته قيادة السيارات وليس له دخل بمخاطبة الراكب كما هو حاصل الآن. والأجرة محددة حسب المسافات داخل الرياض وخارجها. وهذا لاشك يؤكد أن هناك ضوابط وإجراءات لا يمكن معها حصول أي خلاف. الآن لم يعد لتلك المظاهر الحسنة أي وجود كما لا توجد أي تسعيرة محددة كما كان سابقا. الآن لم يعد هناك أي شركات ليموزين وإنما هناك سيارات أجرة لا تحتكم لأي ضوابط ولا تخضع لتسعيرة محددة. وتبدأ المفاوضة على السعر مع السائق وبأسلوب فج لا يمكن قبوله. وبعد الاتفاق على السعر والجهة المتوجه إليها الراكب، ومع أن الراكب هو المستقل للسيارة بمفرده أو عائلة يبدأ السائق في البحث عن راكب أو أكثر ثم يبدأ بإقناع الراكب حتى يقبل أن يركب آخر.. هذا الأسلوب غير حضاري، ولم نواجهه في أي مطار في الخارج. هذا الأسلوب قد لا يعارضه الأجنبي وقد يعتبره أسلوبا متبعا في مطاراتنا إلا أنه سيدرك أن هذا الأسلوب غير حضاري. يضاف إلى هذا مظهر السائق غير اللائق والبعض منهم يرتدي ثوب النوم. كما تفتقد السيارة للنظافة داخليا وخارجيا.. سأكتفي بهذا القدر كوني أدرك تماما أن هذا الوضع الذي يفتقد إلى الكثير، يدركه كل مواطن مر بهذه النقطة الحيوية التي لا شك أنها أحد العناوين الهامة. فمنها ترسم أول صورة عن البلد وثقافته.