منذ انتصار الثورة التونسية والمصرية بدا واضحا أن نمط الثورات السلمية كان النمط الذي يبتغيه الثوار ومهما تم استفزازهم باتجاه نقيضه، أصروا على الحفاظ على سلمية ثورتهم كما في الثورة اليمنية، فما الذي حدث في الثورة الليبية والسورية حتى جرى قلبها لمسلحة؟. في البداية يجب الإشارة إلى أن نمط الثورات السلمية في العصر الحديث نجح في الهند بقيادة غاندي وأدى لتحريرها من الاستعمار البريطاني، ونجح في أمريكا وأدى لتحريرها من النظام العنصري بقيادة مارتن لوثر كينج، ونجح في جنوب أفريقيا بقيادة مانديلا وحررها من نظام الفصل العنصري، وفي تسعينات القرن الماضي نجحت ثورات سلمية في اندونيسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في خلع نظام الحكم الاستبدادي، لكنه لم ينجح في عدة دول أخرى لسبب أساسي هو افتقار الثقافة الاجتماعية الحضارية فيها للرقي النوعي. فصحيح أن القوى الاستعمارية والاستبدادية قابلت الثورة عليها بشكل عنيف في البداية لكن كان هناك حد أعلى من التوحش في استعمال القوة ضد الثائرين لم يمكنها تجاوزه بسبب الثقافة الاجتماعية الحضارية النوعية التي تحكم مجتمع السلطة، لكن عندما لا يكون هذا الرقي الثقافي الاجتماعي الحضاري النوعي موجودا فيحدث ما حدث في ليبيا وسوريا حيث لا حد للفظائع التي اقترفت بحق المواطنين بما فيها الاغتصابات الجماعية وتدمير المدن، والمدان في هذا هم من يصنعون العقلية والنفسية الجماعية من أهل الإعلام والفكر والعلم والدين والثقافة والفنون والفضائيات والمسلسلات والأفلام الذين لم يكن لديهم وعي بالوظيفة المصيرية التي عليهم القيام بها وهي الترقية النوعية للشعوب ويجب أن يحصل وعي بهذه الحقيقة والعمل على تكريس ثقافة اجتماعية حضارية نوعية لتكون الحامي الأساسي لحقوق الشعوب. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة