بصيص ضوء تختفي في ثناياه الأشياء! عادت من النافذة التي لم تفارق زجاجها طوال النهار، في ذهنها يعلق سؤال صامت! يعيث في نفسها حزنا وألما، مخاوف شكوك ملتاثة تحيك في صدرها. ارتمت بثقل همومها على المقعد، تحترق بنار .. تتلظى في داخلها، تتشظى في جزيئات ترمي بشرر الغضى!! لم يكن ممكنا أن تتجاهل سر صدمة تلك اللحظة. بينها وبين الخوف الذي تملكها، والأحلام التي راودتها خيط رفيع، خيط أوهن من خيوط العنكبوت. • سماؤها ملبدة بالغيوم، لا تتذكر كم هي السنوات والأيام والليالي التي مضت وهي معه، كانت له خلالها جسدا لا روح فيه! وهي التي تبحث عن قلب تنعم بالدفء في أحضانه، سيقت كأي أنثى لقدرها المحتوم. تخطئ الأنثى بحقها.. وتصبح الجانية على نفسها، حين تخضع.. وتصمت، ولا تجرؤ على قول (لا!) عاشت في جفاف وأنهكها الظمأ. تعودت القيد الذي يشدها! كلما تعمقت في سبر أغوار عينيه الغامضتين، أيقنت أن العمر يضيع، وأن أحلامها تذوب كالسراب. •• أحست بالقهر..! في داخلها حمم بركان هادر، لأنها لم تكن صادقة في أحاسيسها ولا تميل نحوه بالهوى، قلبها موصد لكنها الليلة تستجيب لصرخات من تبحث عن رومانسية ضائعة، وحلم تضيع في متاهاته الحياة. انتظرت عودته تلك الليلة، بشوق لم تعهده! كانت بحاجة إليه رغم نفورها منه. لم يكن لحضوره وغيابه أهمية، بل كانت تجد في غيابه وبعده عنها، حريتها ونفسها الضائعة. انتابها إحساس بالندم، لا .. لأنها لا تحبه، بل لأنها تكره الخداع!. لم تبال بسؤاله ولو لمرة واحدة، عن تأخره، ولم تفكر في عتابه حتى لا يشعر باهتمامها. ذهنها طافح بأسئلة قاتلة تلوذ بالصمت هربا من أجوبة منتحرة!! (2) •• انتصف.الليل أو كاد. لا حظت بحسرة كيف تبلل قميصها الأحمر بدموع القهر. بينها وبين الخوف الذي يتملكها والأحلام القديمة التي راودتها، خيط رفيع كخيط العنكبوت. ألصقت وجهها بزجاج النافذة. بصبر نافد. أغمضت عينيها وكأنها تدور وسط دوامة في بحر لجي من فوقه موج. من فوقه غمامة سوداء. قلبها يخفق ببطء ورتابة، كرتابة الليل والصمت والوحدة، تحترق بنار لا تعلم كنه حرها! كيف لا تطيقه ولا يميل إليه قلبها، وهي تشتاقه وتنتظره في قلق! كأنها أنثى برية تنوء بظمئها الفطري. أحست بمخاوف تسبل أهدابها على قلبها، حين سمعت صوت الباب وهو يغلق برفق.. مع وقع خطوات متعثرة تكسر صمت الليل!! •• في لحظات سمعت دقات قلبه المتراجفة، أيقنت أنها وجدت ما يبرر سؤالها العالق في صمت! لم يعد هناك ما يدعو للندم والحزن، و.. وستغفر لنفسها خيانة قلبها له. في تلك اللحظة ومن خلال بصيص ضوء ضيق، فرت من أمامه.