أصدر رئيس الدائرة القضائية الثالثة في ديوان المظالم حكما تعزيريا بالسجن والغرامة المالية على متهمين تمت إدانتهما في جرائم الرشوة والتي تم الكشف عنها من خلال تحقيقات كارثة سيول جدة، وهما موظف في أمانة جدة وأحد رجال الأعمال وصدر بحق كل منهما حكم بالسجن لخمسة أعوام وغرامة قدرها 500 ألف ريال، وحدد لهما يوم 16/7/1433ه موعدا لاستلام إعلان الحكم. وكانت تفاصيل القضية قد بدأت إثر تلقي المباحث الإدارية في جدة بلاغا من أحد رجال الأعمال عن موظف تقاضى رشوة مقابل إنجاز معاملة، الحادثة كانت قبل سبع سنوات، وعقب كارثة سيول جدة تجاوب رجل الأعمال مع نداء خادم الحرمين الشريفين لمكافحة الفساد وتقدم ببلاغه للجهات المعنية والتي حققت فيه قبل أن تحيله إلى الجهة القضائية. وعقدت المحكمة الإدارية في جدة جلستها بحق المتهمين صباح أمس بحضور المتهمين يرافقهما محاميهما، وتم الاستماع إلى المتهم الأول (موظف الأمانة) الذي جدد نفيه تلقيه رشوة من المتهم الثاني، مشددا على أنه لا يعرف الأسباب التي دعته إلى اتهامه بتقاضي الرشوة. واكتفى المتهم الأول بما أورده في الجلسات الماضية وقال أمام الحضور أصادق على كل اعترافاتي أمام الدائرة القضائية وأمام هيئة الرقابة والتحقيق، ولكن أنكر كل ما ورد في التحقيقات الأولية أمام الجهات التحقيقية والتي أكرهت فيها على الاعتراف - على حد قوله-. ونفى ما أورده المتهم الثاني من اعترافات عليه بخصوص تقاضيه رشوة قدرها 500 ألف ريال، ونفى معرفته بالمتهم الثاني. وقدم محامي المتهم مذكرة من 4 صفحات تشتمل على عدة جوانب منها عدم علاقة المتهم الثاني (مقدم البلاغ) بأي معاملة في أمانة جدة وأن موكله (المتهم الأول) ليس له دور في إنجاز معاملة وفقا لما أشار به المتهم الثاني في جلسات سابقة، وشدد المحامي على أن الشاهد الذي أكد مشاهدة موكله وهو يستلم مبلغ الرشوة من المتهم الثاني هو في الأساس شريك للأخير في العمل والمكتب ولا تقبل شهادته. وأضاف أن المتهم الثاني تضارب كثيرا في أقواله حيث أورد في مواضع أن المعاملة موضع الاتهام تخصه وفي قول آخر أكد أنها تخص شركاءه، وهو ما يشير إلى تضارب قوله. لاعلاقة لي بالمعاملة المتهم الأول عاد عقب انتهاء محاميه من الحديث ليؤكد أنه لم يتدخل في أي معاملة تخص المتهم الثاني، «كما أنه أورد أن المعاملة ظلت في مكتبي لفترة طويلة وهذا غير صحيح، فقد مكثت المعاملة في الإدارة التي أعمل بها لفترة شهر واحد فقط أو أقل ولم ألتق المتهم نهائيا ولم أتعامل معه». وشدد«أن إدارة فحص الملكيات في الأمانة أكدت عدم علاقتي بالمعاملة وأنها كانت تسير بشكل نظامي وليس لي بها دور». الادعاء ورجل الأعمال يردان ممثل الادعاء العام بدوره أكد أن المتهم الأول وجهت إليه اتهامات استغلال نفوذ مزعوم أو حقيقي وقد تم إنهاء المعاملة وهي محل الاتهام كما أنه اعترف بالجرم وصادق على أقواله شرعا. عقب ذلك استمع القاضي لإفادة المتهم الثاني والذي اعترف في بداية الجلسة بدفعه مبلغ 500 ألف ريال لأحد الموظفين مقابل إنهاء معاملة وأبان أنه قام بذلك لدفع الضرر الذي وقع عليه من احتجاز معاملته في الأمانة، وقال:«قابلت المتهم الأول في مكتبه واطلعت على معاملتي التي كانت لديه، فتكفل لي بإنهاء وضعها مقابل مبلغ مليون ريال وحددنا موعدا في مكتبي، حيث حضر وتسلم مبلغ 500 ألف ريال، تسلمها مني شخصيا بحضور أحد شركائي بالمكتب وكنت قد سحبتها من أحد البنوك المحلية». أرض ال 25 مليونا وأضاف الحادثة بدأت فصولها منذ سبع سنوات ماضية عندما اشترينا ومجموعة من الشركاء أراضي في منطقة أبحر بمبلغ تجاوز 25 مليون ريال، وعند محاولة الإفراغ في كتابة العدل جرى التأكيد علينا بوجود صك آخر على ذات الأرض، وتقدمنا للجهات المعنية بهدف معرفة الصك الثاني ومن يملكه وظللنا على تلك الحال لمدة عامين، ومن ثم عدنا إلى الأمانة بهدف إنجاز المعاملة، وتحديدا في دائرة يعمل بها المتهم الأول والذي وعدني بإنجازها مقابل دفع مبلغ مالي إليه». وزاد:نجح الموظف (المتهم الأول) في إتمام الأوراق وإنهاء المعاملة غير أني رفضت دفع الأموال إليه بعد أن علمت لاحقا أن أرضنا ليس عليها أي صك وهي منجزة نظاما، فعمد إلى تعطيلها لأمر معين، لذا اكتفيت بما دفعته من أموال وتهربت من دفع المتبقي وهو لم يطالبني به. وبعد مرور سبع سنين - يواصل رجل الأعمال - وبعد وقوع كارثة سيول جدة وسماعي لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين تقدمت طواعية لأبلغ عن تلك الواقعة وموقع الموظف. هنا سأله القاضي: أبلغت عنه بعد أن علمت أنه تم إيقافه للتحقيق وكنت تعلم أنك تمارس عملا مخالفا للشريعة؟ فأجاب المتهم الثاني: «ما قمت به كنت مضطرا إليه»، وطلب المتهم الثاني ومحاميه من القاضي الحكم له بالحق الخاص وهو إعادة مبلغ ال 500 ألف ريال المدفوعة للمتهم الأول، وذلك وفق المادة الخامسة عشرة وتعويضه عن الضرر الذي لحق به. المحامي يشكك في إفادة الشاهد وجدد المتهم الأول عقب ذلك عدم معرفته بالمتهم الثاني ونفى كل ما ذكره من اتهامات بالرشوة، قائلا: «ما ذكره غير صحيح وأطالب بإحضار الشاهد للتأكد من أقواله». وشكك محامي المتهم الأول في شهادة الشاهد حيث أشار إلى أنه أكد استلام موكله مبلغ 500 ريال في كيس ولم يقل إنه شاهد الأموال أو عدها. لحظة النطق بالحكم هنا طلب رئيس الجلسة من المتهمين ومحاميهما ورجال الإعلام الحاضرين للجلسة المغادرة، ريثما تتم المداولة بينه ومستشاريه لفترة قاربت النصف ساعة قبل أن يستدعي الأطراف للعودة إلى القاعة، حيث بادرهم القاضي إذا كان لديهم ما يضيفونه ليأتي التأكيد على الاكتفاء بما تم إيراده من أقوال في تلك الجلسة والجلسات السابقة، عندها أعلن ناظر القضية النطق بالحكم قائلا:«حكمت الدائرة بإدانة كل من المتهم الأول (موظف الأمانة) والمتهم الثاني (رجل الأعمال) بجرائم الرشوة المنسوبة إليهما وتعزيرهما بسجن كل واحد منهما 5 سنوات تحتسب من تاريخ إيقافهما وتغريم كل منهما بمبلغ 500 ألف ريال سعودي . عقب ذلك استمع القاضي لرأي الأطراف الثلاثة في القضية وهم (ممثل الادعاء العام، المتهم الأول، والمتهم الثاني) الذين أفادوا بعدم قناعتهم بالحكم، ليعلن القاضي تاريخ 16/7/1433ه موعدا لاستلام إعلان الحكم، وأقفلت المرافعة والتداول تمهيدا للمرحلة الثانية. يذكر أن رجل الأعمال المتهم الثاني كان ناظر القضية قد طلب إحضاره بالقوة الجبرية بعد تغيبه عن جلستين متتاليتين.