أوضح نائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر أثناء إدارته لندوة «سبل تفعيل استراتيجية الإعلام الخليجى المشترك» التي عقدت أمس الأول على هامش فعاليات مهرجان الخليج للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني في العاصمة البحرينية المنامة، أن استراتيجية تعزيز التعاون الإعلامي الخليجي المشترك جاءت بناء على مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وورقة عمل من سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر في عام 2008، وأشار إلى أن الاستراتيجية واضحة في أهدافها ورؤيتها ورسالتها، مضيفا أنه تم تشكيل فريق من الوكلاء لدراسة تفعيلها،وأعرب عن شكره لمملكة البحرين وهيئة شؤون الإعلام على ما قدمته من تسهيلات لإنجاح المهرجان، وجهاز إذاعة وتلفزيون الخليج على عقد الندوات المصاحبة للمهرجان لمعالجة هموم الإعلام المشترك بين دول المجلس وتعزيز مسيرة العمل الإعلامي المشترك من خلال مجموعة من المثقفين والمفكرين، وقال الجاسر: «علينا كوكلاء وزارات الإعلام توصيات من الهيئة العليا الاستشارية التي تناقش شؤون وقضايا التعاون بشكل عام وكانت تحوي جزئية عن الإعلام لدراستها ومن ثم رفع المرئيات إلى الوزراء في مجلس التعاون وقد رأوا أن بعض المقترحات مطبق والبعض الآخر يحتاج إلى ميزانيات مالية والبعض الآخر يحتاج إلى وقت»، وأضاف: «ورأينا أن هناك غموضا في العمل الإعلامي وكان لابد من وضع استراتيجية في العمل الإعلامي المشترك، واقترحنا في السعودية أن تقوم وزارة الثقافة والإعلام بإعداد الاستراتيجية ومن ثم توزيعها على الدول الأعضاء، وأوكلنا المهمة لمركز أسبار الذي يديره الدكتور فهد العرابي الحارثي، وأرسلت للدول الأعضاء وأقرت في قمة أبوظبي». من جهته، أوضح رئيس مركز أسبار للدراسات الإعلامية بالمملكة العربية السعودية الدكتور فهد العرابي الحارثي، إجراء استطلاع رأي في دول مجلس التعاون الخليجي حيث تم عمل ندوات حوارية مع المختصين في المجال الإعلامي والنخب الإعلامية لتكون النواة للاستراتيجية واستغرق العمل 6 أشهر، وأشار إلى أن النتائج التي خرجت أكدت على وجود رؤية ثاقبة للمسؤولين الذين فكروا في تلك الاستراتيجية، وكانت أبرز النتائج حول استطلاع رأي المبحوثين في الدعم الذي يقدمه الإعلام الخليجي في المجال السياسي أن 3.4 % يرون أن الدعم الذي يقدمه الإعلام على مستوى المشاركة السياسية لشعوب دول المجلس قوي جدا، بينما 9 % يعتقدون أنه قوي، ويرى 39 % أن هذا الدعم ضعيف، 21 % ضعيف جدا، ويرى 3 % أن الدعم الذي يقدمه الإعلام على مستوى التنشئة السياسية لشعوب المجلس قوي، في المقابل 42 % يرون أنه ضعيف، كما بينت النتائج أن 14 % يرون الدعم الذي يقدمه الإعلام على مستوى المواقف الرسمية للحكومات قوي جدا، في المقابل 17 % يرون أنه ضعيف، ويرى 20 % الدعم الذي يقدمه الإعلام الخليجي على مستوى المواقف المناهضة للأطماع السياسية الإقليمية في المنطقة قوي، بينما يرى 25 % يرون أنه ضعيف. وأوضح أن اللافت للانتباه في هذه الأرقام أن المبحوثين يحملون الإعلام الخليجي تقصيره في دعم التنشئة السياسية لشعوب المجلس بنسبة 58 % وتقصيره في دعم المشاركة السياسية لشعوب المجلس بنسبة 61 % وتقصيره في دعم الخطاب السياسي الموحد لدول المجلس بنسبة 35 %، بينما يرى 12 % في المقابل أن الإعلام الخليجي يقوم بدور مقبول نسبيا في دعم المواقف الرسمية للحكومات، وفي دعم المواقف المناهضة للأطماع السياسية في المنطقة بأنه قوي بنسبة، وأكد ان الاستراتيجية لم تتعرض لخصوصية أي دولة وممارسة هامش التعبير فيها والتنوع الثقافية في الدول وكانت فقط داعمة لفكرة التعدد والتنوع، وأن تكون هناك مشتركات عامة في مقابل بعض الخصوصيات لكل مجتمع، لكن المشتركات أكثر من الاختلاف، وأضاف أن فكرة الاستراتيجية تقوم على بناء جبهة خليجية أكثر وعيا بالمستقبل لأن كل ما حولنا يبين أن الإعلام يحتاج إلى جهود كثيرة لكي يظهر تأثيره، لافتا إلى علم الجميع بوجود اجتياح واختراق إعلامي، وقال : «الاستراتيجية قدمت مجموعة من البرامج المشتركة وأقرت في قمة أبوظبي الماضية للبدء في تفعيلها، فيما أعرب عن شعوره بوجود بطء في التنفيذ وعدم رصد ميزانيات لتفعيلها وجعلها واقعا، معربا عن أمله في تسريع تنفيذها». فيالق الإعلاميين من جهته، اعتبر وزير الإعلام الكويتى السابق الكاتب الصحافي سامي النصف أن تفعيل الاستراتيجية التي أقرت في عام 2010 يعاني من بعض البطء في التنفيذ، وقدم النصف خلال كلمته تعريفا للقوة الصلبة والقوة الناعمة، مشيرا إلى أن الإعلام يمثل أحد عناصر الأخيرة والتي تستطيع أن تدخل إلى أي بيت في أي بلد، وقال إن القوة العسكرية لم تتمكن من إسقاط بعض الأنظمة في المنطقة فيما نجح الإعلام الجديد المتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي في أن يفعل ذلك مؤخرا، وأوضح أن الناس قد تصدق ما يقال في الإعلام ويتحول الأمر في بعض الأحيان إلى أن يكون الإعلام محرضا بحيث يشعر الإنسان بأنه مظلوم في بلده، في إشارة إلى بعض الدول التي ترسل رسائل تؤجج مشاعر المواطنين في دول أخرى، وأكد أن الإعلام يحتاج إلى فيالق من الإعلاميين مثل الجيوش داعيا إلى تأهيل إعلاميين وتدريبهم حتى يظهروا بشكل دائم على الفضائيات لينقلوا الصورة الصحيحة عن الواقع الخليجي، مشددا على أهمية إنشاء فضائية إخبارية خليجية تحمل الهم العام للشعوب الخليجية، خاصة أننا نحتفل حاليا بالعمل الدرامي الخليجي الذي يحتاج لخلق أعمال مشجعة في اتجاه الاتحاد من خلال عمل درامي محترف، لافتا إلى وجود أفضل الجامعات والنظم في الخليج، وقال : «إن الهجمة الحالية على دول الخليج ستشتد خلال الفترة المقبلة وعلينا الاهتمام بالإعلام وتعزيز التعاون الإعلامي الخليجي المشترك لاسيما في ظل ما نواجهه من استهداف خارجي والحاجة إلى التصدي إلى ذلك من خلال إعلامنا المشترك ودعم وتفعيل استراتيجية الإعلام الخليجي المشترك وتسخير الموارد اللازمة لها وتذليل كافة العقبات أمامه»، وأضاف: «الإعلام مرآة عاكسة للسياسة وكلما تباعدت سياستنا تباعد الإعلام، ولدينا رسالة يجب أن نرسلها من خلال الإعلام الخليجي الموحد للمحيط العربي والعالمي، فمازالت صورتنا مشوشة في وسائل الإعلام والصحف العالمية ونجدها منحازة ولا تعكس الصورة الصحيحة لما يحدث». نوعية المهمة من جانبه، أكد رئيس قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس الدكتور عبيد الشقصي الهوية الخليجية على أهمية تعزيز التعاون مع دول العالم والارتقاء بمستوى الإعلام الخليجي، مشيرا إلى وجود أربعة أهداف رئيسية لاستراتيجية العمل الإعلامي المشترك و18 هدفا فرعيا ينبثق عنها 114 برنامجا، وهي أمور تحتاج إلى الكثير من اللجان، وأضاف أن الاستراتيجية تعنى برسم الاستراتيجية الإعلامية بين دول المجلس، وطالب بتحديد دقيق لنوعية المهمة أو المهام التي يجب القيام بها لتفعيل الاستراتيجية الإعلامية وتحديد الجهة التي ستقوم بتنفيذ هذه المهمة والإشراف عليها وتحديد الفترة اللازمة لتنفيذ كل مهمة وتحديد التكاليف المالية والكادر البشري، ودعا إلى مراجعة المفاهيم والتأكيد على المواطنة الخليجية والسقف الذي يجب أن يصل إلى مفهوم المواطنة بين السياسيين والمواطنين وتعزيز البيئة لتفعيل الاستراتيجية بشكل علمي بحيث يتم تحديد المهمة بدقة بالانتقال إلى المفهوم العملي وتحديد الجهات التي ستنفذ المهمة وتقسيم الفترات الزمنية لجدول التنفيذ. الهوية الخليجية من جانبه، ألقى مدير إدارة الأخبار والعلاقات الإعلامية بالأمانة العامة لمجلس التعاون الدكتور أحمد بن موسى الضبيبان كلمة له خلال الندوة بعنوان «ترسيخ الهوية وتعميق المواطنة من خلال تطبيق الاستراتيجية الإعلامية لمجلس التعاون» تناول خلالها تعريف هوية دول مجلس التعاون موضحا أن الهوية الخليجية تعكس معتقد وفكر وثقافة أهل الخليج وأسلوب حياتهم كما تمثل مجموعة الأوصاف والسلوكيات التي تميز مجتمع دول المجلس عن غيره، وأضاف أن مقومات الهوية الخليجية هي العناصر التي تجتمع عليها دول المجلس من وحدة العقيدة والتاريخ واللغة والموقع الجغرافي، وحول المواطنة الخليجية قال: «إن المواطنة هدف استراتيجي يقوم على مبدأ أساسي وهو أن يتمتع مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون بالمعاملة الوطنية في أي دولة من الدول الأعضاء، بحيث تتوفر لهم جميع المزايا التي تمنح للمواطنين في جميع المجالات وعلى وجه الخصوص التنقل والإقامة والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية والتأمين الاجتماعي والتقاعد وممارسة المهن والحرف ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمات وتملك العقار وتنقل رؤوس الأموال والمعاملة الضريبية وتداول الأسهم وتأسيس الشركات والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية»، وفيما يتعلق بالأهداف التي نصت عليها الاستراتيجية والمرتبطة بترسيخ الهوية وتعميق المواطنة أوضح الضبيان أن ترسيخ الهوية يمثل هدفا فرعيا منبثقا من هدف استراتيجي هو تعزيز التعاون وفرص الوحدة بين دول المجلس، وتناول في كلمته البرامج التي يمكن أن تحقق هذه الأهداف وهي ترسيخ مبادئ الدين الإسلامي وتعزيز الهوية العربية وتعميق القيم الإيجابية وتشجيع استخدام اللغة العربية الفصحى وتكثيف البرامج التي تهتم بإبراز ونشر التراث الخليجي ومتابعة قضايا العالمين العربي والإسلامي، وحول تعميق المواطنة الخليجية أوضح أنها تتحقق عبر تكثيف البرامج والفعاليات وإنتاج مضامين وفعاليات إعلامية والاحتفال بالمناسبات والأعياد والأيام الوطنية لدول المجلس وتكثيف النشر عن الامتيازات البينية الممنوحة لمواطني الخليج والتعبير عن الآراء والهموم والتطلعات المشتركة، وتحدث عن آلية عمل الأمانة العامة لتحقيق هذه الأهداف من خلال عرض هذه الاستراتيجية على كافة اللجان الإعلامية المشتركة لترجمتها إلى برامج عملية ومن ذلك إنتاج برامج إذاعية وتلفزيونية تعزز الهوية وإعداد تقارير صحفية دورية، تبر ما تحقق من إنجازات على مستوى السوق الخليجية المشتركة، مشيرا إلى أنه تم تشكيل لجنة مختصة لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية، وأوضح أن الرؤية المستقبلية المقترحة لإدارة عملية التغيير لترسيخ الهوية وتعميق المواطنة تنطلق من خلال تبني آلية عمل جديدة لتفعيل مكتسبات المواطنة باعتبارها تمثل حجر الزاوية لإنجازات مجلس التعاون، التي تلامس اهتمامات المواطن والمقيم في الدول الأعضاء. وحول الإنجازات التي قدمها مجلس التعاون للمواطن الخليجي قال: «إن من يطلع على حجم الإنجازات، يدرك بأن ثمة إنجازات تحققت تمس المواطن مباشرة، مما يدل على وجود خلل يتطلب المعالجة»، مشيرا إلى أهمية استحداث نمط من الاتصال المؤسسي يعنى بفتح قنوات من التواصل المباشر مع الجمهور والتعريف بالمنجزات ذات الصلة بالمواطنة الخليجية، والتواصل المباشر في الوقت ذاته مع الأجهزة التنفيذية في الدول الأعضاء لضمان ترجمة هذه المنجزات على أرض الواقع، وأوضح الضبيبان أن من أدوات الاستراتيجية المقترحة في هذا الصدد توفير بيئة من التواصل المباشر بين المواطن والمقيم في مجلس التعاون والأمانة العامة، ومساعدة القطاعات المعنية في الأمانة العامة على متابعة تنفيذ كافة القرارات المتعلقة بالمواطنة وتعريف المواطن والمقيم بالحقوق والواجبات التي ضمنها لهم مجلس التعاون وتوفير مرجعية معلوماتية واستشارية لكل من المسؤول من جهة والمواطن والمقيم من جهة أخرى.