فى الخامس عشر من مايو من كل عام تحل ذكرى النكبة التى حلت بالفلسطينيين عندما قامت إسرائيل على أراضيهم وطردتهم ولا تزال تحل محلهم فى هذه الأراضى فى إطار عملية التهويد والاستيطان التى يقوم عليها المشروع الصهيونى. ومعنى ذلك أن هذا التاريخ يرمز إلى بداية عصر النكبة الذى بدأ فى ذلك اليوم، واستمر حتى الآن ولذلك فالنكبة ليست حادثا وإنما مرحلة وعملية متصلة، بل أصبحت نكبات متلاحقة. فقد كان الأمل فى إحياء ذكرى النكبة هو ألا ينسى الفلسطينيون ما حل بهم حتى يكون ذلك دافعا لهم لاستعادة ما فقدوا ولكن حلول هذه الذكرى أصبح مناسبة لمراجعة النكبات الجديدة التى جعلت النكبة الأولى مجرد مقدمة لسلسلة من النكبات المتصلة. وفى كل ذكرى تضاف نكبة جديدة يتلاشى معها الأمل فى إزاحة النكبة الأولى. ونستطيع فى هذه الذكرى أن نحصر النكبات الفلسطينية والعربية وأخطرها فشل المصالحة الفلسطينية، واستمرار الشقاق بين فتح وحماس وعجز السلطة الفلسطينية عن اجتياز العقبة الإسرائيلية، وضعف العالم العربى وعجزه عن نصرة الشعب الفلسطينى، وتوحش إسرائيل واتساع رقعة التهويد وتهديد القدسالشرقية بمشروعات الاستيطان، وتهديد المسجد الأقصى، وفى هذا السياق فإن مفتي مصر قام بزيارة القدس وهى فى حساب النكبة فى تقديرنا نكبة جديدة وإن كانت السلطة الفلسطينية قد رحبت بالزيارة. ولعل من النكبات التى استوطنت العالم العربى وفلسطين أن كلمة اللاجئين كانت قاصرة على عام النكبة ولكن المناسبات التى يطرد فيها الفلسطينيون من أراضيهم أصبحت مألوفة ومتكررة. لم يعد الفلسطينيون وحدهم هم اللاجئون فقد دخل فى هذا السجل العراقيون والسوريون واليمنيون والليبيون والتونسيون (خلال الثورة) والمعلوم أن العرب قد نعموا بالجزء الأوفى من أعداد المنفيين والمقهورين والمهاجرين واللاجئين. ومن النكبات الجديدة أيضا هذا العام ضياع أى أفق للتسوية فى فلسطين وانفصال جنوب السودان بحيث أصبح السودان طرفا أصيلا فى الصراع العربى الإسرائيلى بسبب دور إسرائيل فى تفتيت السودان. كلما اقتربت ذكرى النكبة فى كل عام ازداد القلق من إضافة نكبات جديدة، ولكنى واثق أن لكل ليل نهاية والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.