النكتة أقرب الأسلحة تناولا لمقاومة الألم النفسي عند الشعور بالقهر والعجز، خاصة أن بعض النكات ذكية تأتي في الصميم تتضمن فكرة أو انعكاسا لحالة اجتماعية أو سياسية، فتظل تضحك منها كلما خطرت ببالك مهما قدمت ومر عليها الزمن. والضحك يحقق لك السلام النفسي ويساعدك على الاسترخاء والتخفف من التوتر الذي قد يكون أطبق عليك فتهدأ نفسك وترتاح. النكات في مجموعها تمثل سجلا لأبرز معالم ثقافة المجتمع وتحمل صورا متعددة ومتنوعة يمكن للباحثين الاجتماعيين الاستفادة منها في معرفة مجمل الأوضاع الاجتماعية والثقافية والنفسية المسيطرة على حياة الناس في زمن ما. وإذا كان من المؤكد أن هناك حاجة إلى قدر كبير من النكات كي يمكن الاعتماد على مضمونها في دراسة مجتمع من المجتمعات، فإن هذا لا يمنع من الإشارة إلى بعض النكات التي يمكن أن تعد عاكسة لثقافة عامة في مجتمعنا أو قضية ما تشغل الأذهان وتسود بين الناس، مثلا من النكات التي تصور انتشار تعدد الزوجات في ثقافة المجتمع وخيانات الأزواج واعتيادهم ملاحقة الجميلات بالنظرات، نكتة تقول: «عندما خلق الله الإنسان أول مرة ، لم يخلق الله له عشرة أصدقاء وإنما خلق له امرأة واحدة! نعم امرأة واحدة، امرأة واحدة، واحدة، واحدة يابني آدم، واحدة يا أبو عيون زايغة، واحدة يقلع شكلك، واحدة عمى بعينك (مكاوية تلقي محاضرة)». النكتة هنا تركز على ما تشعر به الزوجات من حرقة وما يكبتنه من غيظ بالغ في العقل الباطن بسبب سلوك الأزواج وما يعهدنه فيهم من انحرافات (بصرية) إن لم تكن فعلية. ومثلها النكتة التي تقول: «أثبتت دراسات وطنية أن السبب الرئيسي في ارتفاع نسبة ضعف النظر عند السعوديين إلى 70% هو إجهادهم لعدسة العين في ملاحقة النساء والتركيز على أجسامهن مما يؤدي إلى اتساع بؤرة العين وإتلاف العصب البصري ووجد أن أفضل علاج للمشكلة هو اكتفاء الأزواج بالنظر إلى زوجاتهم وما عدا ذلك، (فجعله العمى اللي ماله علاج)، (باحثة سعودية)» هذه النكتة تجسد بسخرية متناهية مدى إيغال بعض الرجال في عادة تتبع النساء بالنظرات وعدم مراعاتهم مشاعر الزوجات أو احترام العلاقة القائمة بينهم. وعادة (البصبصة) و(زوغان) العين ليست هي الشيء الوحيد الذي يغيظ الزوجات من الأزواج، فهناك أيضا الجفاف في التعامل والغلظة التي تخلو من الرقة والحنو، والنتيجة هي تعطش المرأة المستمر إلى الإحساس بالحب والدفء العاطفي، وتعبر النساء عن مشاعرهن تلك في نكات مثل: «يقول شكسبير: محاولة التفاهم مع الأنثى وهي تبكي يشبه تقليبك أوراق الجريدة وسط العاصفة. فقط احضنها وسوف تهدأ. (شكسبير ما بقي من ذريتك أحد منا ولا منا؟)» ما يلاحظ في هذه النكات أنها جاءت تمثل المرأة المتعلمة ( أكاديمية وباحثة ومثقفة قارئة لشكسبير ) وهو ما يعبر عن تغير الصورة النمطية للمرأة التي كانت تمثل السطحية والجهل. أخيرا، كي لا يغضب الرجال مني سأورد مثالا آخر لنكات تعبر عن غيظ الرجل من تصرفات المرأة، نكتة ظاهرها السخرية من المرأة، وإن كنت أراها تكشف عن طبيعة المرأة المتسامحة التي غالبا تعزف عن الرد عمليا على ما يضايقها وتكتفي باللسان تتخفف به مما أصابها من ألم تحس به، تقول النكتة: «من عجائب المرأة أنها إذا زعلت تتكلم بسرعة الضوء لمدة ست ساعات متواصلة وبنهاية كلامها تحط رجل على رجل وتقول: خليني ساكتة بس ».