من المؤكد أن دخول الرئيس بوتين إلى الكرملين رسميا سيكون الخبر الأسعد للنظام السوري الذي أصبح يعتمد كليا على دعمه في استمرار قتل وتعذيب الشعب السوري . بوتين ينعته معارضوه باسم قيصر روسيا الجديد، وهو الوصف الذي ينطوي على أكثر من دلالة لارتباطه بشخصية فلاديمير الذى عرف عنه تعهده الشهير عندما قال : «سألقي بالإرهابيين في المرحاض». وفي أول خطاب له أمس خلال استعراض عسكري في الذكرى ال67 للانتصار على ألمانيا النازية، يقول بوتين، «إنه يحق لروسيا أن تحفظ مواقعها في الساحة الدولية بكونها دولة تصدت للعدوان النازي وحسمت الحرب العالمية الثانية». وأعتقد أن من حق بوتين أن يحفظ لروسيا موقعها في العالم ولكن ليس على حساب دماء الأبرياء وليس على حساب دعم الجلاد وتجاهل الضحية. وتمكن بوتين من إلقاء الإرهابيين في المرحاض، يتناقض ودعمه إرهاب النظام في سورية ولا ندري أين ستلقي الأزمة السورية بنظام بشار وبوتين هذه المرة. بوتين شخصية استخباراتية من الطراز الرفيع عاش في أروقة ودهاليز الكي جي بي، تبادل الأدوار بذكاء خارق مع ديمتري ميدفيديف وبالنسبة لأنصاره، فإنه يعتبر بمثابة منقذ روسيا الحديثة، وبالنسبة لمعارضيه فإنهم يرون فيه زعامة الاستبدادية. ويعود الفضل في بروز بوتين للواجهة السياسية للرئيس بوريس يلتسين، الذي نقله من منصب رئيس جهاز إف إس بي الذي خلف كيه جي بي، ليعينه رئيسا للوزراء. . ولقد شهدنا خلال الأسبوع الحالي ظهور زعامتين جديدتين حيث عاد قيصر روسيا بوتين إلى قصره، بعد قضائه الفترة الشرعية اللازمة خارجه، وفاز الاشتراكي فرنسوا هولاند بسدة الرئاسة الفرنسية، منهيا حكم اليمين الذي دام 17 عاما. عودة بوتين للكرملين جاءت بعد بزوغ تعاون روسي صيني استراتيجي ،حرصا من بكين وموسكو على المشاركة الفاعلة في صناعة القرار السياسي العالمي في وقت انشعلت فيه إدارة أوباما في الحملات الانتخابية وفشلت في إدارة الأزمة السورية داخل مجلس الأمن وخارجه. ومن المؤكد أن بوتين وهولاند يرغبان في استعادة حضورهما في المشهد السياسي في الشرق الأوسط الذي مازال يشهد ربيعا من خلال الأزمة السورية التي مازالت تراوح مكانها، وأصبحت سلعة انتخابية تعتمد على زهق دماء الشعب السوري.